للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أمة الإسلام أمة مرحومة]

هذه الأمة أمة مرحومة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أمتي هذه أمة مرحومة، ليس عليها عذاب في الآخرة، إنما عذابها في الدنيا الفتن والزلازل والقتل والمصائب) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى إذا أراد رحمة أمة من عباده قبض نبيها قبلها، فجعله لها شرفاً وخلفاً بين يديها، وإذا أراد هلكة أمة عذبها ونبيها حي، فأهلكها وهو ينظر، فأقر عينه بهلكتها حين كذبوه وعصوا أمره).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن هذه الأمة أمة مرحومة، عذابها في أيديها، فإذا كان يوم القيامة دفع إلى كل رجل من المسلمين رجل من المشركين، فيقال: هذا فداؤك من النار) هذا يدخل بدلاً منك النار.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا كان يوم القيامة دفع الله عز وجل إلى كل مسلم يهودياً أو نصرانياً فيقال: هذا فكاكك من النار) والحديث صحيح.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يموت رجل مسلم إلا أدخل الله مكانه في النار يهودياً أو نصرانياً).

وهذا من فضل الله عز وجل على هذه الأمة، أن الكافر يكون فداءً للمسلم يوم القيامة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يجيء يوم القيامة أناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم، ويضعها على اليهود والنصارى) يعني: يضع أمثالها على اليهود والنصارى، كما قال الإمام النووي: هذا التأويل لا بد منه، قال: ويضع أمثالها على اليهود والنصارى فمثلاً: هناك مسلم متهاون في الزكاة، والصيام، أو في أداء الصلاة، فيأتي يوم القيامة فبمثل هذا التهاون يعذب الله عز وجل النصراني واليهودي، وهذا يدل على أن الكفار مخاطبون بفروع الشرائع.

يعني: يحاسب على كفره مرة، ويحاسب على فروع الشريعة التي تركها مرة، يقال له: لماذا كنت كافراً؟ لماذا كنت يهودياً؟ لماذا كنت نصرانياً؟ ثم بعد ذلك: لماذا لم تكن تصلي؟ لماذا لم تكن تصوم؟ لماذا لم تكن تحج؟ {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} [المدثر:٤٢ - ٤٦].

فهم دخلوا النار لأنهم كذبوا بيوم الدين، ولم يصلوا، وكلها فروع شرائع: {وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} [المدثر:٤٤] أنت ما كنت تطعم اليتامى والمساكين! أنت كنت كثير الجدال! {وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} [المدثر:٤٥ - ٤٦].

قال الإمام النووي: هذا التأويل لا بد منه.

ومن هذه الخصائص العظيمة أن هذه الأمة بعثت في خير قرون الزمان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بعثت من خير قرون بني آدم قرناً، حتى كنت من القرن الذي كنت منه).