وقال المهدي يصف بعض العلماء ويصف سفيان الثوري قال: لقد جاءني قراؤكم فأمروني ونهوني، ووعظوني وبكوا وأبكوا وتباكيت لهم، ثم لم يفجأني من أحدهم إلا أن أخرج من كمه رقعة: أن افعل لي كذا، وافعل لي كذا، ففعلت، وسقطوا من عيني، وقد كتب المهدي إلى سفيان؛ لأن سفيان طال هروبه منه، كتب إليه أن يعطيه الأمان، قال: فأتيته فقدمت عليه البصرة بالأمان، وقال المهدي: ما من رجل أمرنا ونهانا فقدمنا له من دنيانا إلا وقضم منها -أي: أكل منها- إلا سفيان.
وقال عبد الرحمن بن مهدي: ما رأيت رجلاً أشفق وجهاً في الله عز وجل من سفيان الثوري.
وكان سيدنا عبد الرحمن بن مهدي شيخ الإمام أحمد يقول: ما كنت أستطيع النظر إلى سفيان هيبة له.
ولما دخل على أبي جعفر المنصور قال له: اتق الله في أموال المسلمين، اتق الله في أبناء المهاجرين، اتق الله في كذا، اتق الله في الرعية، فقال له الوزير أبو عبيد الله: اسكت أتواجه الخليفة بمثل هذا؟ قال: اسكت فما أهلك فرعون إلا هامان، فلما خرج سفيان قال الوزير: يا أمير المؤمنين! دعني أضرب عنقه، قال: اسكت، فوالله ما بقي في الأرض من يستحيى منه غير هذا.
وكان إذا رأى موكب الخليفة يقول: ما هذه السرادقات! حج عمر ولم ينفق إلا خمسة عشر ديناراً.