قال عبد الله بن الإمام أحمد: كان أبي يقرأ كل يوم سبعاً من القرآن، يختمه كل أسبوع مرة.
وكان الإمام أحمد يخرج لطلب الحديث وهو غلام صغير قبل صلاة الفجر، فكانت أمه تستحلفه بالله أن يمكث في البيت حتى يؤذن المؤذن لصلاة الفجر ثم يخرج لطلب الحديث.
وكان الإمام أحمد يحيي الليل وهو غلام، بات معه رجل من علماء الحديث فأعد له وضوءه من الليل، فلما أصبح أتى فوجد الماء على حاله فقال: طالب علم لا يكون له ورد من الليل! قال: إني على سفر فقال: حج مسروق فما مات إلا ساجداً، يعني ما أتى عليه الليل إلا وهو ساجد متنفل وهو في سفره للحج.
قال صالح: كان أبي إذا دعاه رجل يقول: ليس يحرز الرجل المؤمن إلا حفرته.
الأعمال بخواتيمها، ثم لما كان في مرض الموت قال: أخرج لي كتاب عبد الله بن إدريس وقال: اقرأ عليّ حديث ليث: إن طاوساً كان يكره الأنين في المرض قال: فما سمعت لأبي أنيناً حتى مات.
ودخلت عليه امرأة وهي مخة بنت الحارث الحافي فقالت: يا إمام! أنين المريض شكوى؟ وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم فقال: والله ما سئلت عن مثل هذا السؤال من قبل، ثم قال لها: نرجو أن لا يكون كذلك، وما علم الإمام أحمد بهذه المسألة إلا في مرض الموت فما أنَّ حتى مات.
ثم قالت له: إنا نغزل غزلنا على ضوء مصباح الشارع فإذا مر قوم من الظاهرية -وكانوا ظلمة- ربما غزلنا بعض الغزل على ضوء مصباحهم، فهل نبيّنه للناس؟ فقال: بينيه ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.
ثم قال الإمام لابنه عبد الله: اتبعها يا بني! فانظر أي البيوت تدخل، فقال: دخلت في بيت بشر، قال: من بيتهم خرج الورع.
وكان الإمام أحمد إذا سئل عن مسألة من مسائل الزهد والورع قال: تسألونني عن الزهد وفيكم بشر، مثل هذه لا تخرج إلا من بيت بشر.