للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عبودية السماوات والأرض لله سبحانه وتعالى]

إن علماء الفلك يقولون: إن حجم الشمس مثل حجم الأرض مليون وثلاثمائة ألف مرة، وعلماء الفلك يقولون إن في السماء مجرات، وإن مجرة درب التبانة التي تقع فيها الأرض فيها ثلاثون مليار نجم، يعني: ثلاثون ألف مليون نجم، وإن منكب الجوزاء حجمه مثل حجم الشمس مائة مليون مرة، قال تعالى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} [الرحمن:٦].

يقولون: إن أقرب نجم يبعد عن الأرض مسافة أربع سنوات ضوئية، يعني: ثلاثةً وعشرين مليون مليون ميل، وقالوا: إن النجم الذي يسمى سديم المرأة المسلسلة يبعد عن الأرض مليون سنة ضوئية: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ * وَالأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ} [الذاريات:٤٧ - ٤٨].

فالسماوات بما فيها من نجوم وبما فيها من شمس وبما فيها من قمر، تسبح وتسجد لله تبارك وتعالى.

لما طلب المشركون من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، أشار إلى القمر فانشق حتى صار فلقتين، فلقة وراء الجبل، وفلقة وراء الجبل من الجهة الأخرى، وهذا من عبودية السموات والأرض لله تبارك وتعالى.

أيضاً السماوات والأرض تبكي لموت العبد الصالح، يقول الله تبارك وتعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ} [الدخان:٢٩].

يقول الله تبارك وتعالى للسماوات وللأرض: {اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت:١١].

والله تبارك وتعالى يقول: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء:٤٤]، فهذا تسبيح السموات، وعرض الأمانة على السموات والأرض والجبال يدل على عبوديتها لله تبارك وتعالى وتعظيمها لأمر هذه الأمانة.

أما عبودية الأرض لله تبارك وتعالى، فلما ورد في حديث الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً ووفى بالراهب المائة: (فقال الله لأرض السوء: أن تباعدي ولأرض الخير: أن تقاربي) فأطاعتا أمره، وهذا من موالاة الأرض وبغضها.

وقال تعالى: {تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا} [مريم:٩٠ - ٩١].

وذكر أن رجلاً من بني النجار حفظ سورة البقرة وآل عمران، ثم ارتد ولحق باليهود فعجبوا منه وقالوا: هذا كان يقرأ ويكتب لمحمد صلى الله عليه وسلم، فدق الله عنقه فمات، فلما واروه التراب لفظته الأرض، فواروه ثانياً فلفظته الأرض، وواروه ثالثاً فلفظته الأرض، فتركوه منبوذاً، وهذا يدل على عبودية الأرض لله تبارك وتعالى.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء) فأطاعت أمره عبودية له سبحانه وتعالى.