إن انتصار الدعوة لا يكمن في كثرة الرق المنشور، بل بالرجعة إلى الله عز وجل، وبالتوبة إليه عز وجل، فما لنا وكأن قد احتجب عنا من في السماء؛ لأننا نادينا من وراء الحجرات، وزأرنا رافعين أصواتنا نوجب على الله عز وجل لنا نصراً بإجلال، نبيعه ولا نرى علينا حقاً عادلاً في الثمن، ودون أن نقدم بين يديه دمعاً مدراراً في جوف الأسحار، ولا مناجاة في جوف الليل.
وانظروا إلى أبي مسلم الخولاني رحمه الله -وقد كان سيداً من سادات التابعين- لما ألقاه الأسود العنسي في النار فخرج منها سالماً، ثم أتى إلى المدينة ودخل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فصلى خلف سارية، فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه: بالله عليك أنت صاحب الكذاب الذي خرج من النار سالماً، فقال: أنا هو، فقال: الحمد لله الذي لم يمت عمر حتى أراه الله من أمة محمد من صنع الله به صنيع خليله إبراهيم.