والصبر على ثلاثة أنواع: صبر على الأقدار، وصبر عن المعصية، وصبر على الطاعة.
وقد قسمها البعض تقسيماً آخر فقال: صبر بالله وصبر لله وصبر مع الله.
فالصبر بالله: أن تصبر وتعلم أن الله عز وجل هو الذي يصبرك، وأنه لولا تمكين الله عز وجل لك من الصبر ما صبرت، فأنت بالله، وهذه استعانة، قال تعالى:{وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ}[النحل:١٢٧].
فليس الأمر شجاعة نفس وإنما مرد الفضل كله إلى الله عز وجل، كما قال سيدنا إسماعيل عليه السلام لأبيه لما قال له:{يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}[الصافات:١٠٢]، فاستثنى بالمشيئة والمعنى: إن شاء الله عز وجل لي الصبر صبرت، فالأمر كله يعود إلى الله عز وجل.
وأعلى رتبة من الأول: صبر لله: وهو أن تصبر ويكون باعث الصبر في قلبك إرادة وجه الله عز وجل والدار الآخرة لا المحمدة عند الناس ولا إظهار قوة النفس.
ثم بعد هذا صبر مع الله: وهو صبر الصديقين كما قال ابن القيم رحمه الله، وهذا شديد وهو أن تدور مع أوامر الله عز وجل ومع نواهي الله عز وجل، فحيث يأمرك الله عز وجل يجدك وحيث ينهاك يفتقدك.
ولذا قال الجنيد رحمه الله: ترك الدنيا للآخرة سهل على المؤمن، وهجران الناس في جنب الله شديد، وهجران النفس إلى الله عز وجل صعب شديد، والصبر مع الله أشد.