قال الله تعالى:{أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ}[البلد:٧].
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أن ما تخفي عليه يغيب إذا ما مضى القوم الذي أنت فيهمُ وخلِّفت في قوم فأنت غريب فيا ليت أن الله يغفر ما مضى ويأذن في توباتنا فنتوب قيل للإمام أحمد بن حنبل: ما تقول في الشعر؟ قال: مثل ماذا؟ قالوا: مثل قول القائل: إذا ما قال لي ربي أما استحييت تعصيني وتخفي الذنب من خلقي وبالعصيان تأتيني فما قولي له لما يعاتبني فيقصيني فقام الإمام أحمد وأخذ نعله وسمع نحيبه من خلف الباب وهو يبكي ويقول: إذا ما قال لي ربي أما استحييت تعصيني وتخفي الذنب من خلقي وبالعصيان تأتيني فما قولي له لما يعاتبني فيقصيني ورجل راود امرأة على الزنا وقال لها: لا يرانا إلا الكواكب، فقالت له: فأين مكوكبها؟ أين الله! والراعي عندما قال له ابن عمر رضي الله عنه: أعطني شاة وقل لسيدك: سرقت الشاة مني، قال له: فأين الله؟ فهذه هي الرقابة لله تعالى.
ولو أن إنساناً خلا بمحارم الله فانتهكها فقد جعل الله أهون الناظرين إليه، فلذلك جاء في الأثر: استح من الله كما تستحي من الرجل الكبير من قومك.
فكما لا تستطيع أن تفعل العيب أمام رجل كبير في مدينتك حياء منه، فكذلك استح من الله، والذي يستحي من الله يقربه الله تبارك وتعالى، والذي يرتكب المعصية أقل أمره أنه قليل الحياء؛ لأن فعله حين يرتكب المعصية دائر بين أمرين: فإن قال: إني أرتكب المعصية والله غير ناظر إلي وغير مطلع علي، وأرتكب هذا الفعل بمغيب عن علم الله فهذا كفر وخروج من الإسلام بالكلية، فهو كافر.
وإن قال: إني أفعل هذا وأعلم أن الله ناظر إلي، فهذا يدل على قلة الحياء.
فلا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى كبرياء من واجهته بها، فإذا حرك الريح باب دارك وأنت في منظر معيب، فإنك تخشى من نظر الناس، أفلا تخشى بعد ذلك نظر الله إليك وأنت مقيم على المعاصي؟! يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم:(إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إن لم تستح فاصنع ما شئت).