[شهادة أمة الإسلام على الأمم السابقة]
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة:١٤٣].
هذه الأمة تشهد للأنبياء يوم القيامة بتبليغ الرسالات، وليست هذه الخصيصة إلا لهذه الأمة.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يجيء نوح وأمته فيقول الله هل بلغت؟ يقول: نعم أي رب، فيقول لأمته: هل بلغكم؟ فيقولون: لا، ما جاءنا من نبي، أو ما جاءنا من نذير، فيقول الله تبارك وتعالى لنوح: من يشهد لك؟ فيقول: محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، وهو قول الله عز وجل: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة:١٤٣].
قال النبي: والوسط العدل، فيدعون فيشهدون له بالبلاغ، ثم أشهد عليكم).
هذا ليس خاصاً بنوح فقط، بل بكل الأمم، كما قال الحافظ ابن حجر العسقلاني، كانوا شهداء على قوم نوح، وقوم هود، وقوم شعيب وغيرهم أن رسلهم قد بلغتهم، وأنهم كذبوا رسلهم.
هذه الأمة مجتباة مصطفاة: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:٧٨].
اجتباها الله عز وجل واصطفاها، وفلسطين ما ضاعت منذ وقت قريب، بل ضاعت من زمان بعيد جداً، من أيام الدولة الفاطمية، عندما كانوا حاكمين على مصر، وسلموا فلسطين للصليبيين، ولم يدافعوا عنها أبداً.
ضاعت من قبل أيام نايف حواتمه، ومنظمات التحرير العلمانية وغيرها، لما كان الإخوة الملتزمون في منظمة الفتح يقفون لأجل أن يصلوا الفجر أو غيره، أما نايف حواتمه فكانت كلمة السر عنده سب دين الله عز وجل، وهذا الكلام قاله الدكتور عبد الله عزام عليه رحمة الله، وكان يقول: إن تسل عن عنصري عن نسبي أنا مركسي لينيني أممي ضاعت فلسطين وكان ياسر أبو عمار يحني رأسه أمام أرنستو جيفارا ويقول: أنت مرشدنا وإمامنا؛ ولذلك حتى محمود درويش الشيوعي، وهو المستشار الثقافي الأسبق لـ ياسر عرفات، لما ذهبوا إلى اتفاقية أوسلو قدم له استقالة مسببة، وكتب فيها: للحقيقة وجهان، ولون الثلج أسود، ثم قال له: لم تقاتل لأنك تخشى الشهادة؟! هذه الأمة مجتباة مصطفاة، أمة وارثة لعقائد الأنبياء، أمة أصلها عريق ضارب في أعماق الزمن، موصول الماضي بالحاضر بالمستقبل، قال الله عز وجل: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة:١٣٦].
أمة وارثة لتراث الأنبياء، تراث العقيدة من قبلها، أمة لا تجتمع على ضلالة، قال الله عز وجل: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة:١٤٣] أي: عدولاً، ومقتضى العدالة أنهم بمجموعهم يعصمون عن الخطأ.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يجمع أمتي على ضلالة، ويد الله على الجماعة)، قال المناوي: أي: لا يجمع علماء أمتي على ضلالة؛ وذلك لأن العامة تأخذ من العلماء دينها، فالمعتبرون هم العلماء.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى قد أجار أمتي أن تجتمع على ضلالة).