للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[انحرافات العقلانيين في التفسير]

وأما انحرافاتهم في التفسير: فمنها في قول الله عز وجل: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:٢٧٥]، قال علماء أهل السنة والجماعة: الخلود هنا طول المكث وليس التأبيد، أي: ومن عاد إلى حل الربا واستحله فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.

وأما محمد عبده ومحمد رشيد رضا فذهبوا إلى أن الرجل إذا مات مصراً على الربا فهو مخلد في النار، وخالفوا بذلك عقيدة أهل السنة والجماعةن ومالوا إلى قول أهل الاعتزال في أن الرجل آكل الربا إذا مات مصراً عليه يكون كافراً مخلداً في النار.

وأيضاً في قول الله عز وجل: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النساء:٣]، ذهبوا إلى تحديد الزواج وتقييده بواحدة، بل قال مصطفى المراغي لما اجتمع بعلماء الحنفية: انظروا إلى أحكام توافق العصر وأنا مستعد أن آتي لكم بنصوص من الشرع تؤيد ما ذهبتم إليه.

وقالوا: إن الطلاق لا يقع إلا أمام القاضي؛ حتى يقيدوا الطلاق.

ومن انحرافاتهم أيضاً: قولهم في قول الله عز وجل: {وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء:٤٣]: إن العلة هنا مطلق السفر أو مطلق المرض، فقالوا: يجوز للرجل إذا كان مسافراً أو مريضاً ووجد الماء أن يتيمم مع وجود الماء.

وهذا الكلام قاله محمد عبده ومحمد رشيد رضا، ولم يقل به أحد من أهل العلم.

وقالوا في قول الله عز وجل: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء:١٥٧ - ١٥٨]، وقوله عز وجل: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [آل عمران:٥٥]: إن عيسى عليه السلام توفاه الله عز وجل وقبضه إليه وأنه قد مات، وخالفوا بذلك عقيدة أهل السنة والجماعة، وأنكروا رجوع المسيح في آخر الزمان، وردوا هذه الأحاديث.

قال الشيخ محمود شلتوت وهو يتكلم عن العلماء الأفاضل الذين حكوا التواتر، وهم (٢٢) عالماً: الإمام الطبري والإمام ابن كثير والإمام القرطبي والحافظ ابن حجر العسقلاني والإمام السفاريني وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والسبكي والذهبي والألباني والغماري والكوثري غيرهم.

ومحمد عمارة حكم بإسلام اليهود والنصارى، وأنهم لا يخلدون في النار، وهذا القول قاله في كتاباته، ونحن لا نفتري على الرجال، وهذا كله في كتب محمد عمارة بالطبعة وبالصفحة وبرقم السطر كذلك، فقد قال بإسلام اليهود والنصارى، وأن اليهود والنصارى الذين بعد بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتركوا مع المسلمين في أصل التوحيد، فهم ناجون عند الله تبارك وتعالى.