[كرامة نور الدين زنكي وانتصاره على الفرنجة في دمياط]
لما نزل الفرنج الصليبيون على دمياط استمروا بمحاصرة دمياط خمسين يوماً، وكانوا ينزلون عليها من البحر على سفن ومراكب تأتيهم من أوروبا، واشتد الهم والغم على نور الدين محمود زنكي وظل صائماً عشرين يوماً ولا يفطر إلا بالماء فقط حتى خاف عليه الأطباء من الموت، وبعد العشرين يوماً رأى إمام مسجده رؤيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقبل هذه الرؤيا كان نور الدين محمود زنكي عالم حديث فقد روى أحاديث في تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فروى حديث التبسم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تبسم حتى وصل الإسناد إلى نور الدين محمود زنكي فأراد بعض المحدثين أن يتبسم فقال: إني لأستحيي من الله عز وجل أن يراني متبسماً والإفرنج محاصرون لدمياط.
فأتى إليه إمام مسجده وبشّره قائلاً: رأيت رؤيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: بشِّر نور الدين محمود زنكي بالنصر على الأعداء، فقلت: قد لا يصدّقني يا رسول الله! فهل من علامة؟ قال: العلامة ما حدث منه يوم موقعة حارم، وإمام المسجد لم يكن يعرف موقعة حارم، فلما صلى معه الفجر قال نور الدين: ما عندك؟ قال: بشّرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بنصرك على الفرنجة، وبرفع هذه الغمة، ويقول لك: العلامة ما حدث منك في تل حارم، قال نور الدين: وما حدث مني؟ قال: حدث منك أنك قلت: اللهم اغفر للعبد المكاس الظالم العشّار محموداً، فاستحى أن يقول له: محمود الكلب فقال نور الدين: العلامة ناقصة، قال: يا سيدنا فيها قال: قلها؟ قال: محمود الكلب، فبكى نور الدين محمود زنكي واستبشر وجاءه النصر على الفرنجة، ومات نور الدين محمود زنكي وهو يتمنى أن يمن الله تبارك وتعالى عليه بفتح القدس على يديه ولم تكتمل له هذه الفرحة، وذهب إلى الله عز وجل بنيته ولكن يكفيه شرفاً أنه وحّد مصر والشام.