الحمد الله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
ثم أما بعد: فقال في الحديث: (أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سوهما)، ولا يكمل إيمان العبد حتى يحب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من حبه لنفسه، كما قال عمر بن الخطاب: والله يا رسول الله! لأنت الآن أحب إلي من نفسي، فقال:(الآن يا عمر)، يعني: الآن كمل إيمانك يا عمر.
ادعى قوم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم محبة الله عز وجل فابتلاهم الله عز وجل بهذه الآية:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}[آل عمران:٣١]، أي: بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم واتباعه، والذي لا يريد طريق النبي صلى الله عليه وسلم فلن يدخل معه الجنة؛ لأنه كما قال الجنيد:(الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا من اقتفى أثر النبي صلى الله عليه وسلم).
ويقول الله عز وجل: والله لو أتوني من كل باب واستفتحوني من كل طريق، لم يدخلوا إلا من ورائه.
فالذي يريد أن يدخل الجنة ليس أمامه إلا طريق واحد، وهو اتباع سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم.
وكيف يدرك في الدنيا حقيقته قوم نيام تسلوا عنه بالحلم ولما قال عمر: يا رسول الله! إنا نجد بعض صحف اليهود فتعجبنا، غضب النبي صلى الله عليه وسلم حتى احمر وجهه، وحتى قال الصديق للفاروق ثكلتك أمك يا ابن الخطاب! أغضبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(أمتهوكون أنتم بعدي)؟ يعني: أمتحيرون أنتم بعدي، (وقد جئتكم بها بيضاء نقية، والذي نفسي بيده! لو كان موسى بن عمران حياً ما وسعه إلا أن يتبعني).
فسيدنا موسى عليه السلام كليم الرحمن لو كان موجوداً في عهد النبوة لما وسعه إلا اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف بي أنا وأنت الأذلاء المنقطعون عن الله عز وجل وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدى إلا هالك).