وقال مجاهد: لو لم يكن من مصاحبتك للصالحين إلا أنهم يمنعونك من المعاصي حياءً لكان في هذا خير.
أي: أنك لو لم تستفد من جلوسك وصحبتك للصالحين إلا أن تقلع عن الذنوب حياءً وخجلاً منهم لكفى.
ومن الناس من يتساهل، فإذا نسيت نفسك ونسيت أهلك وزوجك وأولادك، فلا تنس ثلاثة مواقف: موقفاً بين يدي الله عز وجل ليس بينك وبينه ترجمان، فعن عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من أحد إلا سيخلو بربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشام منه فلا يرى إلا ما قدم).
يوم يعاتبك الله عز وجل على سيئاتك ويذكرك بها: أتذكر ذنب كذا يوم كذا وكذا، هذا الموقف لا تنساه أبداً، فإذا نسيت كل من حولك فلا تنس أنك ستخلو بربك يوماً من الأيام.
والموقف الثاني: وأنت على الحوض وتنظر إلى رسول الله لأول مرة، وما نظرت إليه قبلها، انظر بحياء المحبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكيف تخاطبه وكيف تكلمه حين يسألك عن ميراثه، ماذا فعلت به؟ موقف عظيم تتقطع دونه القلوب حسرة.
والموقف الثالث: حين يصاح بك على رءوس الخلائق: فلان بن فلان، وتتشابه الأسماء، فوالله ما يستقر في قلبك إلا أنك أنت المراد، فتصرخ على رءوس الأشهاد، يقول صلى الله عليه وسلم:(يرفع لكل غادر لواء غدره يوم القيامة عند استه، يقال: هذه غدرة فلان بن فلان) هذا في غدر الناس بالناس، فكيف في قلبك مع ربك، وفي نقضك لعهدك مع الله عز وجل، وكيف بميثاق الفطرة الذي أودعه فيك، ماذا تقول لربك؟! قال تعالى:{هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}[هود:١٨]، وقوفك بين يدي الله عز وجل ووقوفك بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووقوفك على رءوس الأشهاد.
فيا سوأتا والله راءٍ وسامع لعبد بعين الله يغشى المعاصيا