قال صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق:(ويعطي زكاة ماله طيبة بها نفسه، وزكى نفسه، قالوا: وما تزكية النفس يا رسول الله؟ قال: أن يعلم أن الله معه حيث كان).
قال أحد السلف: لا تنظر إلى صغر الخطيئة، ولكن انظر إلى عظمة من واجهته بها.
إذا ما قال لي ربي أما استحييت تعصيني وتخفي الذنب من خلقي وبالعصيات تأتيني فما قولي له لما يعاتبني ويقصيني وقال الآخر: إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أن ما تخفيه عنه يغيب فعلى العبد حينما يباشر أي معصية أن يتذكر أن الله عز وجل ناظر إليه من فوق سبع سماوات، عالم بحاله وأمره؛ مطلع على معصيته وظلمه.
وقد ذكر أن رجلاً راود امرأة على الفاحشة فقالت بعد أن خلا بها: انظر هل يرانا من أحد، قال: ما يرانا إلا الكواكب، قالت له: فأين مكوكبها؟! ويذكر أن امرأة أخرى راودها رجل على الزنا، فقالت له: هل نام أهل القافلة جميعاً؟ قال: نعم، قالت له: فهل نام الله؟! {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى}[العلق:١٤].
فأمرك حين تقترف أي ذنب دائر بين أمرين: إما أن تقول إن الله عز وجل حين أباشر هذه المعصية الصغيرة لم يرني ولم يطلع علي ولم يعلم بحالي، وأنت لو تيقنت هذا خرجت من الإسلام بالكلية ولو في فعل صغيرة، وأما إذا قلت: إني أباشر المعصية وأعلم أن الله يراني ومطلع علي، فهذا يدل على قلة الحياء.
قال صلى الله عليه وسلم:(إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت).
والمراقبة منزلة عظيمة من منازل الإحسان، وقد عرفه النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل فقال:(أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، ولو أن تعظم أمر الله عز وجل كما تعظم الرجل الصالح من قومك، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(أن تجعل الله عز وجل أجل الناظرين إليك).