للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نماذج من حياء الأنبياء والصالحين]

إن سيدنا موسى عليه السلام أعلى الله مقامه بجهاده لليهود الذين كانوا لا يتناهون عن منكر يأتونه، وكان موسى عليه السلام حيياً ستيراً، كما قال صلى الله عليه وسلم: (كان لا يرى شيء من جلده حياءً، فقال اليهود عنه: إنه آدر، وبينما كان يغتسل ذات مرة إذ أخذ الحجر ثوبه، فأخذ يطارد الحجر ويقول: ثوبي يا حجر! وظل يضرب الحجر حتى بان أثر الضرب ندباً على الحجر).

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم أشد الناس حياءً، إذ كان أشد حياءً من العذراء في خدرها، وكان إذا رأى شيئاً يكرهه عرف الصحابة ذلك في وجهه.

فمن حيائه أن امرأة أتت تسأله عن الغسل، فقال: اغتسلي لكذا وكذا، وضعي فرصة من المسك، فقالت: كيف أتطهر؟ فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على وجهه، وعلمت السيدة عائشة، فجذبت المرأة ثم جعلت تعلمها كيفية الغسل وكيفية الطهارة.

وأما حياؤه من ربه فقد ورد في حديث مالك بن صعصعة لما قال له موسى: (سل ربك التخفيف؛ فإن أمتك لا تقدر، قال: لقد سألت حتى استحييت، ولكني أرضى وأسلم).

وحياء ابنة الرجل الصالح الذي يسميه العامة شعيباً، وهو ليس نبي الله شعيباً، قال تعالى: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} [القصص:٢٥] يعني: كأن الأرض زرعت حياءً وهي تمشي عليه.

وقالت هذه المرأة الصالحة لأبيها: {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ} [القصص:٢٦]، وهي تريد أن تطلبه لنفسها، ولكنها تستحيي من والدها.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس للنساء أن يحققن الطريق).

وجاءت فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تريد أن تسأله خادماً، قال: ما أتى بك يا بنية؟! قالت: جئت أسلم عليك، ولم تخبره بما تريد حياءً، ولما كان اليوم القادم فعلت ما فعلت، فأتاها النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها وهي في مخدعها، فأدخلت نفسها في الغطاء حياءً من والدها.

وأما حياء الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما فقالت: لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي أبو بكر كنت أدخل واضعة ثوبي وأقول: إنما هو زوجي وأبي، فلما مات عمر ما كنت أدخل إلا في كامل ثوبي؛ حياءً من عمر، وهذا بعد موته.