[صفة النار وأهلها]
انظر يا أخي إلى صفة جر النار، وإلى صفة الإتيان بها، سيدنا عمر بن الخطاب قال لـ كعب الأحبار فيما رواه ابن القيم بسند حسن: إن هذه القلوب قد استرسلت فاقبضها بذكر النار، قال: يا أمير المؤمنين! يؤتى بجهنم لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك، فإذا زفرت زفرة فما من دمعة في العيون إلا وبدت، وإذا زفرت الأخرى فما من نبي مرسل ولا ملك مقرب إلا وجثا على ركبتيه، وقال: نفسي نفسي، حتى لو كان لك يا أمير المؤمنين عمل سبعين نبياً إلى عملك لظننت أنك لا تنجو.
وفي الصحيح الذي أشار إلى صحته الحافظ ابن حجر في (المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يخرج عنق من النار له لسان فصيح، وعينان تبصران، وأذنان تسمعان، يقول: إني وكلت بكل جبار عنيد، فيلتقطهم من الموقف لقط الطير حب السمسم، ثم يخرج مرة ثانية فيقول: إني وكلت بكل من دعا مع الله إلهاً آخر، فيلتقطهم من الموقف لقط الطير حب السمسم، ثم يخرج مرة ثالثة، فيقول: إني وكلت بالمصورين، فإذا حبس هؤلاء في النار أتي بالصحف وجيء بالموازين، واستعد الناس للحساب) صححه الألباني.
وكما أن هناك سبعين ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب، ومع كل ألف سبعون ألفاً فهناك آخرون يجرون إلى النار بغير حساب، {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ} [الرحمن:٤١]، والحديث يدل على هذا.
قال الله تبارك وتعالى: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الملك:٢٢].
وقال الله تبارك وتعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وَجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} [الإسراء:٩٧].
وقال الله تبارك وتعالى: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ} [القمر:٤٨].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر على صورة الناس، يغشاهم الذل من كل مكان، تعلوهم نار الأنوار، يساقون إلى سجن في جهنم يسمى: بولس، يسقون من عصارة أهل النار (طينة الخبال)) والحديث صحيح.
يقول الله تبارك وتعالى عن النار: {إِذَا رَأَتْهُم مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} [الفرقان:١٢]، يخلق الله عز وجل للنار إدراكاً وإحساساً، فهي نار تتكلم، {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق:٣٠].
والنار قد أعدها الله تبارك وتعالى للكافرين، وهيئت وجهزت، وهذا الإعداد إعداد حقيقي خلافاً لقول المعتزلة أن الإعداد هنا بمعنى التقدير، فجهنم موجودة الآن، وهو مذهب أهل السنة والجماعة خلافاً لقول المعتزلة الذين أنكروا وجود النار الآن.
وأما عن كيفية مجيء النار ففي الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يؤتى بجهنم لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها) معنى ذلك أن الملائكة المكلفين بجر النار أربعة آلاف مليون وتسعمائة مليون ملك، مع أن خزنة النار تسعة عشر.
وأما ما في النار أجارنا الله وأعاذنا الله منها ففي (المطالب العالية) فيما أشار إلى حسنه الحافظ ابن حجر العسقلاني قال: (لو أن في هذا المسجد مائة ألف أو يزيدون، وفيهم واحد من أهل النار فتنفس لاحترق المسجد بمن فيه).