[نور وجوه الصالحين وظلمة وجوه العاصين في الدنيا والآخرة]
وعند المقارنة بين وجه هذا ووجه هذا فإن الشيخ إبراهيم عزة والشيخ صفوت نور الدين كانا إذا رؤيا ذكر الله.
ولم يسلم رجل بالنظر إلى وجه أحد الصالحين مثل ما حصل مع الحافظ عبد الغني المقدسي، فقد جلس معه رجل طول الليل ورأى بكاءه وصلاته فزفر الرجل زفرة خرج الكفر بها من صدره وأسلم.
وكانوا يصطفون في الطرقات لرؤية وجوه الصالحين، ويقولون: الوجه هذا يذكر بقيام الليل، والوجه هذا يذكر بصلاة الفجر جماعة، وهذا يذكر بالمسح على رءوس اليتامى.
فقد كانت وجوههم نيرة بطاعة الله عز وجل.
قيل للحسن البصري: ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجوهاً؟ قال: لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره.
وعلى الطرف الآخر وجه كلما نظرت إليه ذكرك بالظلم وبسب الدين وبترك الصلوات وبالكبر، وبكل ما هو قبيح على وجه الأرض.
وإذا رأى الشيطان طلعة وجهه حيا وقال: فديت من لا يفلح فأين هذا من ذاك؟ قال الله تبارك وتعالى: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ} [الزمر:٦٠].
وقال تعالى: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ} [الرحمن:٤١].
فهم زرق العيون سود الوجوه، وهذا أقبح منظر عند العرب.
قال تعالى: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ} [الرحمن:٤١].
وقال: {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ * أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ} [عبس:٤٠ - ٤٢].
فهم خاشعة أبصارهم منكسة رءوسهم في يوم القيامة، قال تعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وَجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا} [الإسراء:٩٧].
وقال عز وجل: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ} [القمر:٤٨].
فهل يستوي الوجهان؟ وقال تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران:١٠٧].
وقال: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة:٢٢ - ٢٣].