حياة الصالح حياة غريبة، فإنك تجده في النهار شفتيه ذابلتين، مثل سيدنا أبو أمامة رضي الله عنه، قال:(يا رسول الله! دلني على عمل، قال: عليك بالصوم فإنه لا مثل له)، فكان أبو أمامة لا يرى في بيته دخان بالنهار أبداً إلا في حضرة ضيف.
والصالحون إذا مشوا على بقاع الأرض يمشون هوناً، {وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً}[الفرقان:٦٣].
ويسعون في مصلحة الناس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(أفضل الأعمال عند الله سرور تدخله على مسلم، أو تطرد عنه جوعاً، أو تقضي عنه دينا)، وفي رواية:(أو تطعمه خبزا).
الصالحون ملئت قلوبهم رحمة، فلا تجدهم إلا واضعين أيديهم على رأس يتيم، يمسحون بها على رأسه، ويطعمون اليتيم بأيديهم، فقد كان سيدنا أبو بكر الصديق -وهو خليفة- يحلب شياه اليتامى بالنهار.
ولا يبغون من الخير إلا رقة الأحاسيس في دار الدنيا، وطهارة القلب ونعيمه، بدلاً من أن يصعد القلب كأنما يصعد في السماء في ضيق النفس والقلب وضيق الصدر واسوداد القلب.
وحي على جنات عدن فإنها منازلنا الأولى وفيها المخيم والله العظيم! إن هذه الجنة في دار الدنيا قبل دار الآخرة، يقول ابن تيمية: إن لله جنة في الأرض من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة.