[نعت الله لأهل المعاصي بأقبح النعوت]
المولى عز وجل نعت أهل المعاصي والشاردين عن بابه ومن كفروا بأقبح النعوت، فنعتهم بالضلال، قال الله تبارك وتعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} [البقرة:١٦].
ونعتهم بالغفلة، قال الله تبارك وتعالى: {لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف:١٧٩].
ونعتهم بالتخبط في الظلمات، قال تعالى: {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ} [البقرة:١٧].
ونعتهم بالانحراف عن الصراط، قال الله تبارك وتعالى: {وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ} [المؤمنون:٧٤].
ونعتهم بالسقوط والهوي، قال تعالى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج:٣١].
ونعت قرينهم بقرين السوء قال الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا} [النساء:٣٨].
وقال الله تبارك وتعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف:٢٧].
وقال الله تبارك وتعالى: {أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم:٨٣].
ويقول الشيطان خطيبهم في النار، وانظر إلى من يكون خطيبه في الجنة ألا وهو نبي الله داود ذا الصوت الرخيم وصاحب المزامير، وصاحب النار يكون خطيبه نعيق البوم والشيطان: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ} [إبراهيم:٢٢].
فإذا سمعوا مقالته هذه مقتوا أنفسهم.
ونعت الرجل الذي أعطاه العلم فأخلد إلى الأرض بقوله: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ} [الأعراف:١٧٦]، وليس هذا فقط، بل قال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة:٥].
إذاً: فهو كمثل الكلب وأضل من الأنعام ومثل الحمار، ولا يوجد هناك نعت أسوأ من هذا ولا أقبح من هذا، إلا وألصق بهم ونسب إليهم.
ويقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات:١٢].
ويقول الله تبارك وتعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [البقرة:٤٤].
ونعتهم بغيبة العقل وبالعلم القاصر وبالمجادلة بغير علم، فقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ} [الحج:٨].
وباتباع الظن، قال تعالى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [النجم:٢٨].
وبالسفاهة، قال تعالى: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام:١٤٠].
وبالمقت، قال تعالى: {لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [غافر:١٠].
ووصف قلوبهم بالقاسية قال الله تبارك وتعالى: {فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد:١٦].
وبالفسق وبفعل السوء، قال تعالى: {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ} [البقرة:١٦٩].
وبظلم أنفسهم، قال تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [البقرة:٢٣١].
وبالكبر، قال تعالى: {إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ} [غافر:٥٦].
وبالريبة والشك، قال تعالى: {إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ} [التوبة:٤٥].
وبالغرام الشديد بكل شيء، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} [الشعراء:٢٢٥].
فإذا وجدت مسرحية جديدة هم عبدة لها، وإذا حان وقت مباريات كأس العالم، تجد شغله الشاغل هو وزوجته وأولاده أن يعملوا الأكل ويضعوه في الثلاجات؛ لأنهم مشغولون بكأس العالم، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} [الشعراء:٢٢٥].
إلا الوادي الأفيح، وإلا وادي المسك، وإلا وادي المعاملة مع الله عز وجل، فهذا الوادي لا يعرفونه.
قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} [الشعراء:٢٢٥].
وإذا ظهرت أغنية جديدة فإنهم ينشغلون بها، وينشغلون بالبذلة الجديدة، وبآخر موضة جديدة، وبالأكل في المطعم الفلاني فهذا هو مبلغه من العلم، وهذا الذي يعيشه فقط، وليس معه شيء آخر، ولا يفكر في حاجة أخرى، وليس له هم للإسلام أو هم للدعوة أو لكذا أو كذا.
وقد كانت زوجة أبي محمد حبيب العجمي تقول له: قم يا سيدي! فهذا الليل قد أدبر، وهذا النهار قد أسفر، وبين يدينا طريق طويل وزاد قليل، وهذه قوافل الصالحين قد سارت أمامنا إلى الجنة ونحن قد بقينا.
فبالله عليك هل يستوي هذا وهذا؟ وسياسي كبير يقول: أنا حققت ثلاثة انتصارات: على ذبابة دخلت مخدع نومي وكانت تطن، وبعد ساعة قتلتها وانتصرت عليها! والثاني يقول: كان وزني خمسة وثمانين كيلو فعملت ريجيم وخفضت من وزني، ولا ألعب طاولة مع زميلي إلا وكان زميلي كل مرة يغلبني والمرة هذه غلبته أنا.
فهذه ثلاثة انتصارات لا يتحملها القلب لدرجة أنه أصيب بالسكر، فإن كنت هكذا فأنت شبه رجل.