وأما همتهم في الدعوة إلى الله عز وجل فحدث عنها ولا حرج، فالتربة التي يرقد فيها الآن أبو أيوب الأنصاري هي بالقرب من أسوار القسطنطينية، وأم حرام مدفونة في جزيرة قبرص، وبلال الحبشي مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم مدفون تحت أسوار دمشق، وعقبة بن نافع في إفريقيا.
وهم حجة علينا.
هؤلاء هم الذين حملوا الإسلام غضاً طرياً، فقد حملوه في عيونهم، وأما نحن فنستحيي من ديننا، ونستحيي من هذه البضاعة التي نحملها ونعرضها على الناس، وأما هم فعاشوا للإسلام.
يقول أبو حازم الأعرج: قد رضينا من أحدكم أن يحافظ على دينه كما يحافظ على نعله، لا تقل: دينك لحمك، دينك دمك، إن الرجل منا إذا اتسخ ثوبه قام يغسله.
فما بال دينك ترضى أن تمزقه وثوبك الدهر محمي من الدنس؟ نرقع دنيانا بتمزيق ديننا فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع أصبح دين أحدنا لعقة على لسانه، يقول: أؤمن بيوم القيامة، وكذب ومَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ! يقول الشاعر: أدمت سياط حزيران ظهورهم فأدمنوها وباسوا كف من ضربا وهذا من شعر نزار قباني، وشعره عفن لكن البيت الوحيد الذي صدق فيه على العرب هو هذا.
وعندما قاتل العرب ضد جنود أمريكا وفرنسا وغيرهم قال فيهم نزار فصدق وهو كذوب: متى تفهم؟ متى تفهم؟ متى يا أيها المتخم أيا جملاً من الصحراء لم يلجم ويا من يأكل الجدري منك الوجه والمعصم متى تفهم؟ أيا من تخجل الصحراء حتى من نداءاتك نسيت الوشم فوق يديك نسيت ثقوب خيماتك وبعت الله بعت القدس بعت رماد أمواتك وانظروا في المعارك الإسلامية في اليرموك وفي القادسية وفي سقوط المدائن.