والذي يخلص العابد من الكبر ويجعله يتواضع بعلمه وبعبادته أمران: الأمر الأول: أن يعلم أن حجة الله تبارك وتعالى على العالم آكد، يقول أبو الدرداء: ويل لمن لا يعلم، وويل سبع مرات لمن يعلم ولا يعمل، فإن نسي قدره عند الله تبارك وتعالى فهو حمار في ميزان الشرع، يقول الله تبارك وتعالى:{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا}[الجمعة:٥]، فهو حمار يحمل علماً.
والمثل الآخر:{فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ}[الأعراف:١٧٦]، فالذي لا ينتفع بعلمه يمثله الله عز وجل بالحمار أو الكلب، والذي يذل بعبادته ينظر إلى أن زجل المستغفرين أحب إلى الله من إجلال المسبحين.
ولذلك فإن محمد بن واسع قال: واشوقاه إلى إخواني، فقالوا: أليس قد نشأ شباب يعلمون السنة؟ فتفل ثم قال: أفسدهم العجب.
لو سلمت لك العبادة من صومك وقيام ليلك من العشاء إلى الفجر لأفلحت.