[مكانة حسن الخلق من الدين]
وتزكية النفوس -يا إخوتاه! هي التحلي بخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وبمكارم الأخلاق.
ولقد قال الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:٤].
قال ابن عباس: وإنك لعلى دين عظيم، -أي: لا دين أحب إلي ولا أرضى عندي من دين الإسلام.
فرضي الله عن ابن عباس الذي جعل الدين كله خلقاً، ومن زاد عليك في الخلق فقد زاد عليك في الدين.
قال الحسن في قوله: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:٤] قال: آداب القرآن.
وقال ابن القيم: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:٤] الخلق الذي آثرك الله به في القرآن.
وقالت السيدة عائشة عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كان خلقه القرآن).
وهذه الآية: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:٤] آية عظيمة، نزلت على نبينا عليه الصلاة والسلام فلم يته على العباد بها.
وسيدنا سعد بن أبي وقاص كان يقول: لقد جمع لي الرسول صلى الله عليه وسلم بين أبويه، وكان يتفاخر على الصحابة بما قاله، فما ظنك بالذي قال له الله عز وجل: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:٤]، وينزل بها كتاب الله عز وجل؟ من قائلها؟ وفي أي الكتب سطرت هذه الشهادة؟ ومع ذلك لم يتأثر بها الرسول صلى الله عليه وسلم ولم تزده إلا تواضعاً لربه.
وقوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:٤] يبرز أصالة الأخلاق في الإسلام، وأنها مطلب هام من مطالب الرسالة، كما قال أهل العلم.
وأجمع آية لمكارم الأخلاق قول الله تبارك وتعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:١٩٩].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه).