ثم تعال إلى الصالحين من عباد الله عز وجل، فـ صديق هذه الأمة الأكبر رضي الله عنه يقول: يا ليتني كنت شجرة تعضد ثم تؤكل.
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: يا ليتني لم أولد، ليت أمي لم تلدني، يا ليتني كنت نسياً منسيا.
وحفرت الدموع خطان أسودان في وجه الفاروق.
وعندما قال له ابن عباس رضي الله عنه عند موته: إنك لشهيد، مصر الله بك الأمصار، وفتح بك الفتوح، وفعل بك وفعل قال: إن المغتر من غررتموه، والله! لو كان لي ما طلعت عليه الشمس ما أمنت سوء المطلع، أو لافتديت به من هول المطلع يومئذ، ويرحم الله عمر بن الخطاب فاروق الإسلام فقد مرض من جراء آية، وهي قوله تعالى:{إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ}[الطور:٧]، يقول: قسم حق ورب الكعبة! وسيدنا علي رضي الله عنه يخرج ذات يوم على أصحابه ويقول: والله! لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلم أر اليوم شيئاً يشبههم، لقد كانوا يصبحون شعثاً غبراً، بين أعينهم أمثال ركب المعزة، قد باتوا لله عز وجل سجداً وقياماً، يراوحون بين جباههم وأقدامهم، تنهمر دموعهم على خدودهم فتبتل منها ثيابهم، فما بال هؤلاء قد أصبحوا غافلين؟ فما روي ضاحكاً حتى ضربه عبد الرحمن بن ملجم.
وكان تحت عيني سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما مثل الشراك البالي من كثرة الدموع، وكان يقول ابن مسعود رضي الله عنهما: إن هاهنا رجالاً ودوا لو أنها قامت ألا يبعثوا.
وعمران بن حصين رضي الله عنه الذي كان مجاب الدعوة يقول: يا ليتني كنت رماداً تذروه الرياح في يوم عاصف.
وسيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه يقول: لأن أدمع دمعة من خشية الله عز وجل أحب إلي من أن أتصدق بألف دينار.
والصحابي الجليل شداد بن أوس رضي الله عنه كان إذا أوى إلى فراشه لا يستطيع النوم، ويقول: اللهم إن جهنم لا تدعني أنام.