ومما خص الله تبارك وتعالى به هذه الأمة أن بورك لها في بكورها: يعني: المولى عز وجل يبارك لها في الرزق عند البكور، رزق الأجساد أو رزق القلوب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(بورك لأمتي في بكورها).
وعن صخر بن وداعة الغامدي أن النبي صلى الله عليه وسلم:(اللهم بارك لأمتي في بكورها).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرسل سرية أرسلها في أول النهار، وكان صخر إذا أرسل تجارة أرسلها في أول النهار؛ فكثر ماله، حتى كان لا يدري أن يضعه! الإمام أحمد بن حنبل -وهو طفل صغير- كان يذهب إلى أستاذه في علم الحديث وإلى شيوخه قبل صلاة الفجر، فكانت أمه تستحلفه بالله ألا يخرج حتى يؤذن المؤذن لصلاة الفجر.
لو قلت للإخوة: تعالوا لأعطيكم درساً قبل الفجر فهل سيأتي أحد؟ إذا جاء لك بعد العشاء فهو في خير.
والذي يأتي بعد الفجر إلى الدرس فإنه لا ينسى، وهو وقت مبارك، فيه تسبيح المستغفرين، ثم بعد ذلك تخرج إلى طلب قوتك، وقوت أولادك، فيبارك الله عز وجل.
لكن بعد ما دخل -النيل سات- وجدت عندنا عشش مبنية بالطوب واللبن، والرجل يسكن هو وامرأته وأولاده جنب الجاموسة، بحيث لا يوجد باب يفصلهم عن الجاموسة والغنم، ولكنه يشتري تلفزيوناً ملوناً ودشاً، ويجلس أمام قناة أوربت قناة الأفلام، ويشاهد عشرة أفلام في اليوم، طبعاً هو طرزان! فلا زراعة ولا فلاحة، فهو رجل أوربت جالس قدام قناة أفلام ليل نهار.
والله العظيم إلى حد أن الثعابين والفئران ملأت الحقول، فمن أين يأتي الخير؟ ولقد كنت أرى جدي رحمه الله قبل مدة من الزمن يستيقظ قبل صلاة الفجر فيتوضأ، ويذهب ليصلي في المسجد، ثم يقعد يقرأ قليلاً من القرآن، فتأتي له زوجته بالبيض والزبدة والشاي وقبل أن تشرق الشمس يكون في حقله، ولقد كانت الأرض الزراعية قليلة لكن البركة كانت موجودة، وكان ينام بعد العشاء مباشرة، لكن اليوم الناس يقعدون أمام التلفاز أربعة وعشرين ساعة، فكيف سيذهبون إلى عملهم وهم لا يبكرون فيها والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:(بارك الله لأمتي في بكورها).