وانظر إلى خوف سفيان، قال عطاء الخفاف: ما لقيت سفيان إلا باكياً، فقلت له: ما شأنك؟ قال: أتخوف أن أكون في أم الكتاب شقياً.
فمن العجب أنه يخاف من السابقة قبل خوفه من سوء الخاتمة.
فخذوا العبرة يا رجال! يخاف سفيان أن يكون في أم الكتاب شقياً، وما في أم الكتاب قد سبق في علم الله عز وجل، وقد قضاه الله عليه قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، فهو يبكي على ما سبق في علم الله، والمعروف أن الرجل يبكي على سوء الخاتمة حينما يستشعر قرب موته، لكن سفيان رحمه الله تجده طيلة عمره باكياً، ولذلك فإن أعلى درجات الخوف: الخوف من السابقة.
قال عبد الرحمن بن مهدي: لما جر سفيان إلى القضاء غصباً عنه تحامق عليه؛ ليخلص نفسه منه، فلما علم أنه يتحامق أرسل سفيان فهرب.