[ذكر ما ورد من فضائل بيت القدس من الكتاب والسنة]
القدس بنت السماء التي ضمت النور بالساعدين، ومسجدها وأذانها يحتل مكان القلب، ويقعان في قلب كل مسلم، هذه الأرض التي باركها وقدسها الله تبارك وتعالى، وألقى على ظلالها الطهر، هذه الأرض التي جاءت آيات كثيرة في بركتها، يقول الله تبارك وتعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء:١].
وجبريل حاد لمشرودة تقاصر عنها خيال الزمان ونور ينادي ونور يلبي ونور يضاء به المشرقان وفاض الذي لا تراه العيون يراه محمد رؤيا عيان ويقول الله تبارك وتعالى في كتابه على لسان موسى: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة:٢١].
ويقول الله تبارك وتعالى عن بيت المقدس: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} [الأعراف:١٣٧].
ويقول الله تبارك وتعالى عن الشام وبيت المقدس: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ} [سبأ:١٨].
ويقول الله تبارك وتعالى عن الشام وبيت المقدس فيما جاء عن إبراهيم: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:٧١].
ويقول الله تبارك وتعالى: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ} [الأنبياء:٨١].
ويقول الله تبارك وتعالى عن عيسى وعن أمه عليهما السلام: {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} [المؤمنون:٥٠].
قال قتادة والسدي: إنها بيت المقدس.
ويقول الله تبارك وتعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [النور:٣٦].
قال عكرمة: هي المساجد الأربعة: الكعبة، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى، ومسجد قباء.
ويقول الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا} [البقرة:١١٤].
نزلت هذه بقول علماء التفسير في بيت المقدس.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لما فرغ سليمان بن داود من بناء بيت المقدس، سأل ربه ثلاثاً: حكماً يصادف حكمه، وملكاً لا ينبغي لأحد من بعده، وألا يأتي هذا المسجد أحد لا يأتي إلا للصلاة فيه إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: أما اثنتين فقد أعطيهما، وأرجو أن يكون قد أعطي الثالثة) هذا الحديث رواه الإمام ابن ماجه في سننه، وصححه الشيخ الألباني في صحيح ابن ماجه وفي صحيح الجامع الصغير.
فقوله: (لما فرغ سليمان بن داود من بناء بيت المقدس) أي: من تجديد بناء البيت؛ لأن الذي بناه يعقوب، وكان بين بناء المسجد الأقصى وبين بناء أول بيت وضع للناس أربعون سنة كما جاء في الصحيحين.
وقوله: (سأل ربه ثلاثاً: حكماً يصادف حكمه) أي: حكماً يوافق حكم الله تبارك وتعالى، كما قال الله تبارك وتعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} [الأنبياء:٧٩].
وقوله: (وملكاً لا ينبغي لأحد من بعده) أي: وملكاً لا يكون لأحد من بعده، والمعجزة التي أعطيها سيدنا سليمان كانت في الملك والنعم التي أعطاها الله تبارك وتعالى لسليمان، فما أعطى الله تبارك وتعالى ملك سليمان لأحد من قبله ولا لأحد من بعده.
وقوله: (وألا يأتي هذا المسجد) أي: بيت المقدس، (أحد لا يأتي إلا للصلاة فيه إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه).
وروى الإمام البخاري والإمام مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تشد الرحال إلا لثلاث: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى).
وروى الإمام النسائي عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتيت بالبراق فركبته حتى أتيت بيت المقدس، ثم ربطته في الحلقة التي يربط فيها الأنبياء، ثم دخلت المسجد)، لو لم يكن لبيت المقدس إلا هذه الفضيلة لكفى.
وعن جنادة الأزدي عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الدجال ويقول في الدجال: (فيمكث في الأرض أربعين صباحاً، يبلغ ملكه كل منهل، لا يأتي أربعة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجد الطور، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم).
وعن ميمونة مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: (قلت: يا رسول الله! أفتنا في بيت المقدس، قال: أرض المحشر والمنشر).
أي: يحشر الناس إليها ومنها ينشرون.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ائتوه فصلوا فيه، فإن صلاة فيه كألف صلاة في غيره، قالت: قلت: يا رسول الله! أرأيت إن لم أستطع أن أتحمل إليه، قال: فاهدوا له زيتاً يسرج فيه، فمن فعل فهو كمن أتاه).
ويقول الله تبارك وتعالى: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ} [ق:٤١]، قالوا: ينادي -وهو إسرافيل- يقف على صخرة المقدس، وينادي الناس للنشر وللوقوف أمام الله تبارك وتعالى في عرفات القيامة.
الجراحات تستغيث وتشكو مل سمع الوجود أين صلاح مررت بالمسجد المحزون أسأله هل في المصلى أو المحراب مروان تغير المسجد المحزون واختلفت على المنابر أحرار وعبدان فلا الأذان أذان في منائره من حيث يتلى ولا الآذان آذان يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام أحمد من رواية أبي الدرداء: (بينا أنا نائم رأيت عمود الكتاب قد احتمل من تحت رأسي، فظننت أنه مذهوب به، فأتبعته بصري فعمد به إلى الشام) قال ابن حجر: سنده صحيح.
وذلك لأن ملك النبوة في آخر الزمان سيكون في الشام، بل الخلافة الإسلامية سيكون مركزها في القدس، لما رواه الإمام أحمد والإمام أبو داود والحاكم في مستدركه عن ابن حوالة الأزدي قال: (وضع رسول الله صلى الله وسلم يده على رأسي -أو على هامتي- وقال: يا ابن حوالة! إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة -أي: فلسطين- فقد دنت الزلازل والبلايا والأمور العظام، وللساعة يومئذ أقرب للناس من يدي هذه من رأسك) وهذا الحديث صححه الشيخ الألباني.