[تفسير قوله تعالى:(أيحسب الإنسان أن لن يقدر عليه أحد)]
قال الله تعالى:{أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ}[البلد:٥].
قد يطغى إنسان بقوته وينسى كم أهلك الله من قبله من القرون، قال تعالى:{وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلا نَاصِرَ لَهُمْ}[محمد:١٣].
قال أبو جعفر المنصور لأحد العلماء: لم خلق الله الذباب؟ قال: ليذل به أعناق الجبابرة فعندما تأتي إليه الذبابة لا يستطيع أن يحضر لها جيشاً مسلحاً من أجل طردها وإبعادها.
ولهذا لما قال النمرود بن كنعان:{قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ}[البقرة:٢٥٨] أي: أقتل هذا وأعفو عن هذا، ابتلاه الله تبارك وتعالى ببعوضة دخلت في أحد منخريه إلى دماغه، فجعلت تطن، فكان صوت الطنين في دماغه كأنه صوت آلات مصانع حربية، فجعلوا يضربونه بالنعال على أم رأسه، فأذل الله هذا الرجل الذي قال: أنا أحيي وأميت.
فالله يبتلي الإنسان بقوته، قال تعالى:{وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا}[الكهف:٥٩]، والله تبارك وتعالى يقول:{وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ}[الحج:٤٥]، والله تبارك وتعالى يقول:{وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ}[الرعد:٦]، والله تبارك وتعالى يقول:{فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ}[العنكبوت:٤٠]، فليتق الله امرؤ في نفسه.