[أهل البدع يتبرمون من الأقدار]
أما أهل البدع فقد كانوا يتبرمون من الأقدار ونزولها، فهذا رجل من أهل البدع كان عالماً فأصيب في رجله فلما قطعت قال في لحظتها: يا قاسم الرزق لم ضاقت بي القسم ما أنت متهم قل لي من أتهم تعطي اليهود قناطير مقنطرة من اللجين ورجلي ما لها قدم أعطيتني وَرَقاً لم تعطني وَرِقاً قل لي بلا وَرِقٍ ما تنفع الحكم والمعنى: لا أريد علماً بل أعطني فقط نقوداً.
فرد عليه رجل من أهل السنة: قل للبيب الذي ضاقت به الحكم لو كنت ذا حكم لم تعترض حكماً عدل القضاء أميناً ليس يتهم هلا نظرت بعين الفكر معتبراً في معدم ما له مال ولا حكم فانظر إلى لطف الله عز وجل، وسوالف المنن وتعداد أيادي النعم وملاحظة روح الفرج، فإنك تعيش على أمل ورجاء أن تشفى من هذا المرض.
وكم لله من لطف خفي يدق خفاه عن فهم الذكي ثم مطالعة حسن الثواب في الآخرة.
ذكر أن رجلاً كان يشكو إلى الناس، فقال له رجل من الصالحين: لك يد؟ قال: نعم، قال: لو قطعت؟ قال: أدفع فيها خمسة آلاف دينار، ثم قال له: ولك عين تبصر بها؟ قال: نعم، قال: لو أخذ الله نورها؟ ثم قال له: يا هذا عندك آلاف مؤلفة من الدنانير وأنت تشكو الفقر بعد ذلك.
فالصبر على الأقدار المؤلمة انتظاراً لما عند الله عز وجل من حسن الجزاء، ثم يأتي بعد هذا الصبر عن معصية الله عز وجل وله موطن آخر.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
اللهم بك نستنصر فانصرنا، وعليك نتوكل فلا تكلنا، وإياك نسأل فلا تحرمنا، ولجنابك ننتقل فلا تبعدنا، وعلى بابك نقف فلا تطردنا.
اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا وما أسرفنا وما أنت أعلم به منا.
اللهم أدبنا بأدب الصالحين من عبادك، اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيها أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر.
اللهم إنا نسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام! يا حي يا قيوم! اللهم لا تفضح بلادك بذنوب عبادك، بك نستنصر فانصرنا وعليك نتوكل فلا تكلنا.
اللهم إنا نسألك لذة العيش مع الموت وحسن النظر إلى وجهك الكريم والشوق إلى لقائك.
اللهم ارحم عبادك وبلادك، اللهم ارزقنا الأمن والأمان في بلادنا وأوطاننا.