للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أمر سفيان بالمعروف ونهيه عن المنكر]

ثم انظر إلى أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، قال إبراهيم بن أعين: كنت مع سفيان والأوزاعي فدخل علينا عبد الصمد بن علي أمير مكة وسفيان يتوضأ وأنا أصب عليه الماء، وهو يقول: لا تنظروا إلي أنا مبتلى، فدعا عبد الصمد فسلم فقال له سفيان: من أنت؟ فقال: أنا عبد الصمد، فقال: كيف أنت؟ اتق الله، إذا كبّرت فأسمع الناس.

وعن عبد الله بن خبيب: حدثنا الهيثم بن جميل عن مفضل بن مهلهل قال: حججت مع سفيان فوافينا بمكة الأوزاعي فاجتمعنا في داره، وكان على الموسم أمير الحج عبد الصمد بن علي أمير مكة، فدق داق الباب قلنا: من ذا؟ قال: الأمير، فقام سفيان الثوري فدخل المخرج، وقام الأوزاعي فتلقاه فقال له: من أنت أيها الشيخ! قال: أنا الأوزاعي، قال: حياك الله بالسلام، أما إن كتبك تأتي إلينا فنقضي حوائجك، فما فعل سفيان؟ قال: فقلت: دخل المخرج، ثم دخل الأوزاعي في أثره فقال: إن هذا الرجل ما قصد إلا قصدك، فخرج سفيان مقطب الوجه، فقال: سلام عليكم كيف أنتم؟ فقال له عبد الصمد: أكتب عنك هذه المناسك، فقال: أولا أدلك على ما هو أنفع لك منها؟ قال: ما هو؟ قال: تدع ما أنت فيه، قال: وكيف أصنع بأمير المؤمنين؟ فقال: إن أردت كفاك الله أبا جعفر، فقال له الأوزاعي: يا أبا عبد الله! إن هؤلاء ليس يأخذون منك إلا الإعظام لهم، فقال: يا أبا عمرو إنا لسنا نقدر أن نضربهم، وإنما نؤدبهم بمثل هذا الذي ترى -أي: بالكلام الخشن-، فقال مفضل: فالتفت إلي الأوزاعي وقال: قم بنا من هاهنا، إني لا آمن أن يبعث هذا من يضع في رقابنا حبالاً.

فالواجب علينا أن نقتدي بمثل هؤلاء الرجال، قال الشاعر: فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالرجال فلاحُ