[المجاهدون المتهجدون]
وكل من له باع في الجهاد كان كثير التهجد، فـ محمد الفاتح: حين فتح القسطنطينية غدا يتهجد طيلة الليل مع جنوده.
وكذلك العلاء بن الحضرمي فاتح بلاد ماردين.
ونور الدين محمود زنكي بطل موقعة حارم الذي قتل من الصليبيين عشرة آلاف، قال عنه ابن الأثير أنه كان مواظباً على صلاة الليل، وكذلك كانت زوجته عصمت الدين خاتون فقد قامت ذات ليلة غاضبة من نومها، فسألها عن سر غضبها؟ فقالت: فاتني وردي البارحة فلم أصل من الليل شيئاً، فأمر من يوقظ الناس لصلاة الليل.
ولما مات عنها نور الدين تزوجها صلاح الدين من بعده.
وأيام أن أخذ الفرنج القدس، دخل أحد السقاة من المسلمين القدس فسمع الفرنج يقولون: إن القسيم بن القسيم -يعنون: نور الدين محمود زنكي - لا ينصر علينا بكثرة عتاده وجنده، وإنما لأنه يصف قدمه بين يدي مولاه ليلاً، فلابد أن ربه ناصره علينا.
والقاضي ابن الشداد قاضي صلاح الدين الأيوبي يقول: وفي حصار عكة كنت أرمقه الليلة بعد الليلة، فإذا جن الليل علا على سجادته تتقاطر دموعه على وجنتيه وهو يقول في سجوده: إلهي! قد انقطعت الأسباب الأرضية عن نصرة دينك وليس لي إلا الإخلاد إلى جنابك، فيأتيه خبر النصر على الأعداء.
فإن سهام الليل لا تخطئ وسل الله عز وجل أن يرفع الغمة عن بلاد المسلمين.
اللهم إنا نسألك باسمك الأعظم، بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان، بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم، اللهم صل على عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم.
اللهم انصر المسلمين المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها، اللهم احم ديارهم واحفظ أموالهم وأعراضهم، واحقن دماءهم، وأرنا في الصليبيين واليهود ودول الكفر آية، إنهم لن يعجزوك فخذهم أخذ عزيز مقتدر.
اللهم ارحم المسلمين واكس عاريهم، واشف مرضاهم وسدد رميهم، وأرنا في الكافرين والصليبيين آية.
اللهم قو شوكة المسلمين، وأقبل بشبابهم على كتابك وسنة نبيك، وانشر الدعوة إلى دينك في ربوع الأرض مشارقها ومغاربها، وأرنا وجه نبينا في رضوانك والجنة، واحشرنا مع نبينا غير خزايا ولا نادمين، ولا شاكين ولا مفتونين ولا مبدلين، وارفع الغمة عن المسلمين الصادقين، وفك أسرهم وفرج كربهم، واحم بيوتهم وأولادهم.
اللهم ارزقنا الشهادة إن علمت صدقاً منا فارزقنا الشهادة في سبيلك، واختم أيامنا بالشهادة في سبيلك، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.