للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حال آخر من يخرج من النار إلى الجنة ووصف ثمار وفواكه الجنة]

وأما آخر من يدخل الجنة وآخر من يخرج من النار لا يخرج من النار إلا حبواً كما جاء في الحديث الصحيح: (يا رب! اصرف وجهي عن النار، لا أسألك شيئاً غير ذلك، فيأخذ عليه الله العهد والميثاق ألا يسأله شيئاً غير ذلك، ثم يمثل له شجرة ذات ظل فيقول: يا رب! قربني من هذه الشجرة لا تجعلني أشقى خلقك، فيقول: ما أغدرك يا ابن آدم! ألم آخذ عليك العهد والميثاق ألا تسألني شيئاً غيره؟ ويعذره الله عز وجل؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه، ثم يمثل له شجرة ذات ظل فيقول: يا رب! قربني من هذه الشجرة أكون في ظلها وآكل من ثمرها فيقربه، ثم يمثل له شجرة ذات ظل وثمر وماء فيقول: يا رب! قربني من هذه الشجرة أكون في ظلها وآكل من ثمرها وأشرب من مائها فيقربه، فيرى أهل الجنة فيقول: يا رب! أدخلني الجنة فيدخل الجنة، فإذا دخل الجنة قال: هذا لي وهذا لي وهذا لي، فيمنيه الله عز وجل: تمن من كذا وتمن من كذا وتمن من كذا، ثم يقول له: ولك عشر أمثال الدنيا من يوم خلقتها إلى يوم أفنيها، فيقول: أتسخر بي وأنت الملك؟)، هذا أقل وآخر رجل يدخل الجنة.

فبعد أن نزل الناس منازلهم، يكون هذا الملك العظيم لأقل رجل يدخل الجنة.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من شجرة في الجنة وإلا وساقها من خالص الذهب).

ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قال: سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة).

فيا أخي المسلم! سبح الله كثيراً، فإن هذا الحديث صحيح، وهذه هي وصية إبراهيم عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: (يا محمد! أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، وأنها قيعان، وأن غراسها سبحان الله والحمد لله) فلماذا ضيعنا وصية الخليل في زحمة الدنيا ووسط التكالب عليها؟ قال ابن عباس: نخل الجنة أصوله من خالص الذهب.

وسعفها خيام أهل الجنة، ثمرها أشد بياضاً من الثلج، أحلى مذاقاً من العسل ليس فيه نوى، يغرس في أرض من فضة، ويسقى بخمر ولبن وعسل وماء.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن في الجنة شجرة تسمى شجرة طوبى يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة عام ولا ينتهي ظلها).

قال الله عز وجل: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة:٣٠].

وإن هذه الشجرة يخرج منها ثياب أهل الجنة جميعاً.

ويقول سبحانه: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ} [الواقعة:٢٧ - ٢٨] أي: شجر منزوع الشوك منه مليء بالثمار حتى يكون على الأشجار سبعين لوناً من الثمار، ما فيهن واحد يشبه لونه لون الآخر.

ويقول تعالى: {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} [الواقعة:٢٩] والطلح: إما شجر نزع شوكه، قد تجمعت ثماره في سباطة تجميع النور، أو شجر النوار الحلو الرائحة الذي في البادية.

بشرها دليلها وقال غداً ترين الطلح والجبال ويقول تعالى: {وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ * وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ} [الواقعة:٣١ - ٣٣] كان أحد الصالحين إذا مر بسوق الفاكهة ولا يستطيع شراء الفاكهة يقول: السلام عليكِ، أما فاكهة الجنة فليست بالمقطوعة ولا بالممنوعة، قال الله سبحانه: {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} [الرحمن:٥٤].

ويقول سبحانه: {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا} [الإنسان:١٤] أي: تميل عليه الشجرة حتى يأكل منها مستلقياً، ويأكل منها جالساً، ويأكل منها قائماً.

فاكهة الدنيا مقطوعة وممنوعة، أما فاكهة الآخرة فليست بالمقطوعة ولا بالممنوعة: {وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} [البقرة:٢٥] والطعم غير الطعم والرائحة غير الرائحة، لا عهد لهم به في دار الدنيا.