للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الصيام]

والصوم تزكية للنفوس، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:١٨٣]، يعني: تزكو نفوسكم.

فمن منا يكثر من صيام النافلة ويربط على بطنه قليلاً؟ من منا لا يطول شبعه، ويعمل بقاعدة السلف: جواز الشبع أحياناً، والأصل عدم الشبع؟ أي: يجوز لك أن تشبع أحياناً.

وقد قيل لسيدنا يوسف -وكان على خزائن الأرض-: لم لا تشبع؟ قال: أخاف أن أشبع وأنسى الجياع.

وداود بن أبي هند أحد رواة الكتب الستة، صام أربعين سنة لا تشعر به زوجه، كان يأخذ الطعام من البيت بعد الفجر ويتصدق به في عرض الطريق، ثم بعد ذلك لا يصل إلى بيته إلا بعد صلاة المغرب، فتظن زوجته أنه قد أكل ما أخذه من طعام، ويظن أهل السوق أنه قد تناول إفطاره في البيت.

وإبراهيم بن هانئ النيسابوري أخص تلاميذ الإمام أحمد بن حنبل مات وهو صائم، حتى قال الإمام أحمد لابنه إسحاق: ومن يقدر أو من يطيق ما يطيقه والدك؟ وعروة بن الزبير مات وهو صائم.

وأبو طلحة الذي قال فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم: (لصوت أبي طلحة في الجيش خير من فئة أو خير من ألف رجل) هذا الصحابي الجليل قال الإمام الذهبي: إنه سرد الصوم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم نيفاً وعشرين سنة.

وقال الحاكم: أربعين سنة.

أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع