وعزة سيدي! لا يجعل الله عز وجل عبداً أسرع إليه كمن أبطأ عنه، والناس تتسابق في دار الدنيا وتتغافل عن الموت، وإن أمراً أنت راحل إليه في كل لحظة أحق بالعمل من دار أنت مسافر عنها في كل لحظة.
اللهم ارزقنا الخوف منك وحدك، ومن خاف الله عز وجل وحده خوف الله منه كل شيء، ومن خاف غير الله عز وجل أخافه الله من كل شيء.
فهذا عز الدين بن عبد السلام كان يقول لـ نجم الدين ملك مصر: يا نجم الدين! الخمر تباع في الحانة الفلانية، فقال: هذا كان في أيام أبي، فقال له: أنت ممن يقول الله فيهم: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ}[الزخرف:٢٣]، فيقولون له: أما خفت نجم الدين أيوب ملك مصر، فيقول: تذكرت هيبة الله عز وجل فصار كالقط، والملك العادل ملك مصر كان إذا دخل عليه عبد الغني المقدسي -وكان إماماً عظيماً من أئمة الحديث- يقوم له مرتعداً، فيقولون له: هذا رجل صاحب قرآن وصاحب حديث فلماذا تخاف منه هكذا؟ فيقول: والله! ما دخل علي مرة إلا وخيل إلي أنه سبع.
ومصطفى كمال أتاتورك الذي أذل المسلمين في تركيا وأسقط دولة الخلافة وجعل الصلاة باللغة التركية وهدم المساجد وحولها إلى متاحف، وصاحب الراقصات، هذا الرجل الذي فعل الأفاعيل جاء نوع من النمل الأبيض وأصابه بحكة غريبة، فجلس الأطباء يعالجوه منها سنتين، وهم لا يعرفون ما هو سبب المرض، ثم اكتشفوا أنه نمل أبيض، قدم من آسيا إلى أوروبا فأمر بمدمرة بحرية بكامل طاقمها تأتي إلى قصره؛ لتهاجم النمل، وألقى مرة خطابه في مجلس النواب فهبت ريح شديدة وغبار شديد فارتعد وأراد أن يخرج من المجلس، فأمسكوا به، وبعد لحظات إذا هي غنم كان يرعاها راع، فخاف من رؤية غبار الغنم، ومن لم يخف الله عز وجل خوفه الله من كل شيء.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقنا وإياكم الخوف منه وحده، والعمل له وحده، رب اجعلنا لك ذكارين، لك شكارين، إليك مخبتين منيبين، ربنا تقبل توبتنا، واغفر حوبتنا، واسلل سخيمة صدورنا، بك نستنصر فانصرنا، وعليك نتوكل فلا تكلنا، وإياك نسأل فلا تحرمنا، ولجنابك ننتسب فلا تبعدنا، وببابك نقف فلا تطردنا.
اللهم اشف مرضانا وجميع مرضى المسلمين، اللهم إنا نسألك لذة العيش بعد الموت، وحسن النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك، اللهم اهد حكام الأمة، اللهم اهد حكام الأمة إلى العمل بكتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم.