للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[محنة في فلسطين في زمن الذل والهوان]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:١٠٢].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:١].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:٧٠ - ٧١].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى.

{إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} [الأنعام:١٣٤].

ثم أما بعد: فكل كلمات المعاجم لا تكفي لتصوير ذل المسلمين وبؤسهم في فلسطين: القدس في القيد تبكي من فوارسها دمع المنابر يشكو للمصلينا قدساه في اليم ماتت قدسنا ذبحت ونحن في العار نسقي وحلنا طينا أي الحكايا ستروى عارنا جلل نحن الهوان وذل القدس يكفينا ولكن لن تعود القدس بالمظاهرات، ولن تعود القدس بالتهييج الفارغ، ولن تعود القدس بخروج بنت مدرسة ثانوية متبرجة غاية التبرج ثم تهيج الناس في الشوارع بأغان أو بكذا، أو برجل لابس بنطلون (شرلستون) أو كذا ويمسك بيده فتاة مثلاً وهم في قلب المظاهرة، وإنما تعود القدس بعودة جيوش صلاح الدين الأيوبي.

والتاريخ يعيد نفسه، وصلت الأمة الإسلامية في أوقات من الذل والهوان إلى أكثر مما نحن فيه في أيام التتر، كان الجندي التتري يقول للمسلم: انتظرني هاهنا حتى آتي بحجر أقتلك به، فينتظره المسلم.

ثم من الله عز وجل بـ قطز، وسيمن الله عز وجل بـ صلاح الدين الأيوبي من جديد يوم أن تكون الأمة مهيأة لذلك، يوم أن يكون الصفوة من الكوادر مهيئين لذلك بالدعوة إلى الله عز وجل، والصبر على الدعوة أفضل من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال القرطبي: تدعو! وتدعو! وتدعو! حتى يأذن الله تبارك وتعالى بالفرج وليس لك إلا هذا، وأن توضح للناس أن عداءنا لهؤلاء القوم عداوة دينية مستحكمة، كما يقول المولى عز وجل: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام:٥٥].

والدين كله فرق، سمى الله عز وجل كتابه فرقاناً، وسمى يوم بدر يوم الفرقان، وجعل رسوله صلى الله عليه وسلم فرقاً ما بين الباطل والحق.

ولقد أقسم الله عز وجل أنه لا يسوي بين المتضادين، ويجمع بين المتماثلين، قال الله عز وجل: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار:١٣ - ١٤] قولوا للناس: تعالوا إلى رحاب الله عز وجل، إذا أردتم أن تدخلوا فلسطين فاستقيموا على درب الله عز وجل.

إن فلسطين لن تعود إلا بالاتباع، انظر هل أنت مع الله عز وجل؟! هل أنت ممن بقي مع الله عز وجل أو من بقي عن الله عز وجل؟! هل أنت راغب عن الله عز وجل أم راغب إلى الله عز وجل؟! هل أنت منقطع إلى الله عز وجل أم شارد عن طريق الله عز وجل؟!