الصدق في الأقوال: أن يجتنب الإنسان ما أمكنه عن المعاريض، ويحاول أن يكون صادقاً، ويجنب نفسه كثرة المعاريض، نعم إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب ولكن يحاول الإنسان أن يخفف.
ومن الصدق في الأقوال: أن يصدق الله عز وجل في مناجاته أثناء العبادات، فلا يقول أثناء الصلاة: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً.
وقلبه في القاهرة مثلاً، ولا يقول:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ}[الفاتحة:٥] ويكون عبداً لشهواته، ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:(تعس عبد الدرهم، تعس عبد القطيفة، تعس عبد الخميصة)، فالصدق في الأقوال ينجي.
روي أن صبياً وهو عبد القادر الجيلاني أثناء طلب العلم ذهب إلى بغداد، فأعطته أمه أربعين ديناراً، فخرج على القافلة التي كان يسير فيها قطاع الطرق، فأتى أحد اللصوص إلى الجيلاني فقال: ما معك؟ قال: أربعون ديناراً! فظن أن الولد يكذب، فأعاد عليه مرة ثانية، فقال: معي أربعون ديناراً، فأتى به إلى زعيم اللصوص، فقال: ما معك؟ قال: أربعون ديناراً، ثم أخرجها؟ قال: ما حملك على الصدق؟ قال: إني عاهدت أمي على الصدق! قال: يا سبحان الله! أنت تخاف أن تنقض عهدك مع أمك على الصدق، وأنا لا أخاف أن أنقض عهد الله عز وجل، ثم قال: أنا تائب على يديك، فقال اللصوص: أنت كبيرنا في التوبة كما كنت كبيرنا في قطع الطريق، وتابوا على يد الجيلاني وهو طفل صغير.
والصدق منجاة، قال الجنيد في درجة الصدق في الأقوال: أن تصدق في موطن لا ينجيك منه إلا الكذب، مثل ربعي بن حراش رحمه الله وهو أحد التابعين، قالوا: ما كذب قط، وكان الحجاج طالباً منه ولديه ولم يكن له غيرهما، فعلم أن ربعي بن حراش يعلم مكان ولديه، فلما أتي به إلى الحجاج قال: أين ولداك؟ قال: إنا لله وإنا إليه راجعون هما في البيت، قال: عفونا عنهما من أجل صدقك.