[المحافظة على ذكر الله في الدوام]
السبب الثالث: دوام ذكرك لله عز وجل على كل حال، باللسان والقلب والعمل والحال، قال الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} [الأحزاب:٤١]، والذاكرون لله عز وجل كثيراً دعاؤهم مجاب بنص الحديث الذي حسنه الألباني.
وقال الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال:٤٥] عنترة كان يذكر عبلة -وهو صعلوك- في المعارك عند صليل السيوف، فما ظنك بمن يحب مولاه، الذي هو عنصر الجمال؟! إذا كان حب الهائمين من الورى بليلى وسعدى يسلب اللب والعقلا فماذا عساه يصنع الهائم الذي ترى قلبه شوقاً إلى العالم الأعلى إن عبدي كل عبدي الذي يذكرني وهو ملاق قرنه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما حسنه الألباني: (أكثر من ذكر الله حتى يقال إنك مجنون) لن تجد شخصاً يقول لك: إنك أنت مجنون، ستجد شخصاً يقول مثلاً: مجنون لعبة الكرة مجنون الممثلين مجنون المغنين لكن لا يوجد أحد يقال عنه: إنه مجنون بذكر الله؛ لأنه كلما زدت من حب الله أفقت من غيبوبتك.
كما قال عتبة الغلام: من عرف الله أحبه، ومن أحبه أكرمه، ومن أكرمه أسكنه في جواره، ومن أسكنه في جواره فطوباه وطوباه وطوباه وطوباه! فما زال يقول: يا طوباه! حتى غشي عليه.
قال يحيى بن معاذ: عفوه يستغرق الذنوب، فكيف رضوانه؟ ورضوانه يستغرق الآمال، فكيف حبه؟! حبه يدهش العقول، فكيف وده؟ ووده ينسي ما دونه فكيف لطفه؟! هذا لا يكون إلا لله عز وجل.
كل محبوب سوى الله سرف وهموم وغموم وأسف كل محبوب منه لي خلف ما خلا الله مالي منه خلف كل إنسان يحب الصالحين ليكسب منهم، أما الله عز وجل فإنه يحبك لتكسب أنت منه: (ابن آدم خلقتك لنفسي فلا تلعب، وتكفلت لك برزقك فلا تتعب، ابن آدم اطلبني تجدني، فإن وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء، وأنا خير لك من كل شيء).
يقول صلى الله عليه وسلم: (أكثر من ذكر الله حتى يقال: إنك مجنون).
العلماء اختلفوا هل يشرع الجهر بالتكبير في هذه الأيام؟ لحديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير) قال ابن رجب: أنكره طائفة، واستحبه أحمد والشافعي، ولكن الإمام الشافعي قيده برؤية بهيمة الأنعام، والإمام أحمد استحبه على الإطلاق.
وذكر الإمام البخاري أن أبا هريرة وابن عمر كانا يدخلان السوق فيكبران فيكبر الناس لتكبيرهما.
وروى الفريابي في كتاب العيدين: أن سعيد بن جبير وعبد الرحمن بن أبي ليلى ومجاهد كانوا يدخلون السوق فيكبرون، لا يدخلون إلا لذلك، تقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، تعلن الدينونة في هذه الأيام لله عز وجل، كدينونة الشجر والجماد، ما من ملب يلبي إلا ولبى ما عن يمينه وشماله من حجر أو شجر أو مطر، حتى تنقطع الأرض يميناً وشمالاً.
قال مالك بن دينار: ما تلذذ المتلذذون بمثل ذكر الله، طلبة العلم نقول لهم: سيدنا الإمام أبو هريرة كانت له اثنتا عشرة ألف تسبيحة بعد صلاة الفجر، قيل: كل يوم يقول: إنما أسبح بقدر ذنبي.
خطرات ذكري تستشير مودتي وأحس منها في القلوب دبيبا لا عضو لي إلا وفيه صبابة فكأن أعضائي خلقن قلوبا يا من يذكرني بعهد أحبتي طاب الحديث بذكرهم ويطيب أعد الحديث علي من جنباته إن الحديث عن الحبيب حبيب ملأ الضلوع وفاض عن جنباتها قلب إذا ذكر الحبيب يذوب ما زال يخفق ضارباً بجناحه يا ليت شعري هل تطير قلوب