[شهر رمضان شهر التراويح وقيام الليل]
شهر رمضان يا إخوتاه! هو شهر التراويح وشهر القيام، (أتى رجل إلى الرسول الله صلى الله وعليه وسلم فقال له: يا رسول الله! أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وأديت الزكاة، وصمت رمضان وقمته، ممن أنا؟ قال: من الصديقين والشهداء).
ويقول رسول الله صلى الله وعليه وسلم: (عليكم بقيام الليل؛ فإنه دأب الصالحين قبلكم، ومقربة منكم إلى ربكم، ومنهاة عن الإثم، ومكفرة للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد).
ويقول رسول الله صلى الله وعليه وسلم: (أتاني جبريل فقال لي: يا محمد! عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس).
قال الصحابي الجليل أبو ثعلبة الخشني: والله لا أموت كما تموتون، ولا أخلق كما تخلقون، فلما قام إلى صلاته وتهجده بالليل قبضه الله تبارك وتعالى إليه وهو ساجد، فرأت ابنته وكانت بجواره أن أباها قد مات، فقامت من نومها فزعة مرعوبة، وقالت لأمها: يا أماه! أين أبي؟ قالت: يا بنية! هو في مصلاه، فوجدته ساجداً فحركته فإذا هو ميت.
مات وهو ساجد في قيام الليل.
وكم عند الصحابة من أعاجيب، فهذا صحابي آخر اسمه علبة بن زيد الأوسي البكاء أحد البكائين، في غزوة تبوك قام إلى صلاته من الليل، وقد تخلف عن الغزو؛ لأنه لم يكن عنده ما يسوقه للجهاد، فقال في صلاته: اللهم إنك أذنت لرسولك في الجهاد، وليس عندي ما أخرج به مع رسولك، اللهم إني أتصدق على كل مسلم ظلمني في عرضي أو جسدي الليلة.
فأي واحد شتمه في عرضه ونال من عرضه، أو نال من جسده يتصدق بعرضه عنه، فلما أصبح صلى الله وعليه وسلم قال: (من المتصدق بعرضه الليلة، فقام إليه علبة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد قبلت صدقتك).
فمن منا الذي يتصدق بعرضه على المسلمين؟ ومن منا الذي يعفو ويصفح؟ ومن منا الذي يعفو حتى يعتقه الله تبارك وتعالى في شهر العتق؟ ألم يقل الرسول صلى الله وعليه وسلم: (ولله عند كل فطر عتقاء من النار).
فتجاوزوا عن هفوات الناس، وحاسب نفسك بنفسك، أما غيرها من الأنفس فعليها حسيب غيرك، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة يضحك الله إليهم) ومن ضحك الله إليه فلا يعذبه أبداً، قال: (ويستبشر بهم: رجل يكون في جهة فتنعدم الجهة، فيعلم ما له في الثبات وما عليه في الميزان، فيصبر نفسه بنفسه لله حتى يقتل أو يفتح الله على قومه، ورجل عنده صلاة الليل وامرأة حسناء فيذر شهوته ويقوم في سواد الليل، فيقول الله تبارك وتعالى: يذر شهوته من أجلي ولو شاء لرقد، والرجل يكون في سفر يطول سراهم بالليل فيمسون فينامون، ويقوم أحدهم في سراء وضراء).
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (رحم الله رجلاً أيقظ امرأته لصلاة الليل، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة أيقظت زوجها لقيام الليل، فإن أبى نضحت في وجهه الماء، فإن قاما من ليلتهما هذه كتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات).
يا إخوتاه! شهر رمضان تضاعف فيه الأعمال، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (عمرة في رمضان تعدل حجة معي).
فثواب العمرة في هذا الشهر يضاعف حتى يصل إلى ثواب الحج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأي روحانية في الحج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم! ترتفع فيها ثواب الأعمال حتى تصل إلى أن تأخذ ثواب حجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (إن في الليل لساعة لا يوافقها رجل مؤمن يسأل الله عز وجل خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك في كل ليلة)، هذا في غير رمضان فكيف برمضان! قم بنا يا أخي لما نتمنى واطرد النوم بالعزيمة عنا قم فقد صاحت الديوك ونادت لا تكون الديوك أطرب منا