إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى، {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ}[الأنعام:١٣٤].
ثم أما بعد: عن أبي عنبة الخولاني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما يزال الله يغرس في هذا الدين غرساً يستعملهم فيه بطاعته إلى يوم القيامة).
ويأبى الغرس إلا طبيعته، والذي يريد للغرس أن يثمر غير ثماره فهو كالأحمق الذي يقول لشجر التفاح: لا تثمر إلا الحنظل، فنقول:(إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد للأمة أمر دينها).
اتفق المؤرخون على أن المجددين للإسلام في القرن السادس الهجري هما البطلان نور الدين محمود زنكي وتلميذه صلاح الدين الأيوبي.
وعلى مدار التاريخ الإسلامي كان هناك غرس طيب وقفوا أمام المد الصليبي، بداية من ليث الإسلام وسيف الله خالد بن الوليد، إذ كان أول من خاض المعارك ضد الصليبيين، فمعركة الفراض اجتمعت فيها جيوش الكفر، ولأول مرة في التاريخ يجتمع الفرس والروم ونصارى العرب الموتورون في معركة واحدة ضد سيدنا خالد بن الوليد، فقد جمعوا له بعدما استولى وفتح العراق في أربعين يوماً فقط، وكانت آخر معركة تسمى معركة الفراض، وكان عددهم ١٥٠٠٠٠ فارس، عبروا إلى خالد بن الوليد الفرات، فقتل منهم خالد ١٠٠٠٠٠ مقاتل وطارد الفلول فكانت أكبر نكبة وقعت بالفرس وبالروم في آن واحد يا شام أين هما عينا معاوية وأين من زاحموا بالمنكب الشهبا فقبر خالد في حمص نلامسه فيرجف القبر من زواره غضبا يا رب حي تراب القبر مسكنه ورب ميت على أقدامه انتصبا يا ابن الوليد ألا سيف تؤجره فكل أسيافنا قد أصبحت خشبا سقوا فلسطين أحلاماً ملونة وأطعموها سخيف القول والخطبا وطالعوا كتب التاريخ واقتنعوا متى البنادق كانت تسكن الكتبا يا من يعاتب مذبوحاً على دمه ونزف شريانه ما أسهل العتبا من جرب الكي لا ينسى مواجعه ومن رأى السم لا يشقى كمن شربا