قالوا لنا: أرضنا أرض مباركة فيها الهدى والتقى والوحي والرسل ما لي أراها وبحر الزور يغرقها وأكبر الأمر في أرجائها دجل في أي شيء أمام الله قد عدلوا وكلهم كاذب قالوا وما فعلوا هذا جبان وهذا باع أمته وكلهم في حمى الشيطان يبتهلوا من يوم أن مزقوا أحكام ملتهم وثوبنا الخزي والبهتان والزلل عار على الأرض كيف الزور ضاجعها كيف استوى عندها الكذاب والرجل ما زال في القلب يدمي جرح قرطبة ومسجد في كهوف الصمت يبتهل فكم بكينا على أطلال قرطبة وقدسنا لم تزل في العار تغتسل في القدس تبكي أمام الله مئذنة ونهر دمع على المحراب ينهمل وكعبة تشتكي لله غربتها وتنزف الدمع في أعتاب من رحلوا كانوا رجالاً وكانوا للورى قبساً وجذوة من ضمير الصدق تشتعل لم يبق شيء لنا من بعدما غربت شمس الرجال تساوى اللص والبطل لم يبق شيء لنا من بعدما سقطت كل القلاع تساوى السفح والجبل يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنها ستأتي على الناس سنون خداعة يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل: وما الرويبضة؟ قال: السفيه يتكلم في أمر العامة).
يا شام! أين هما عينا معاوية؟ وأين من زاحموا بالمنكب الشهبا؟ فقبر خالد في حمص نلامسه فيرجف القبر من زواره غضبا فرب حي تراب القبر مسكنه ورب ميت على أقدامه انتصبا يا ابن الوليد! ألا سيف نؤجره فكل أسيافنا قد أصبحت خشبا سقوا فلسطين أحلاماً ملونةً وأودعوها سخيف القول والخطبا وطالعوا كتب التاريخ واقتنعوا متى البنادق كانت تسكن الكتبا؟ يا من يعاتب مذبوحاً على دمه ونزف شريانه ما أسهل العتبا من جرب الكي لا ينسى مواجعه ومن رأى السم لا يشقى كمن شربا