أما في تعلم العلوم الشرعية فتجد السلفي يتابع المكتبات ويشتري الكتب، ويستلف ويستدين، وتلقاه ماشياً واضعاً الكتاب تحت إبطه، والبعض يسخر ويقول: انظروا إلى هذا، إن لحيته تسع أربعة آلاف حديث ويسأل عن مسألة فلا يجيب! فهؤلاء علت همتهم في طلب العلوم الشرعية؛ حتى يعبدوا الله عز وجل على بصيرة، وكما بوب الإمام البخاري:(باب العلم قبل القول والعمل؛ لقول الله عز وجل:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ}[محمد:١٩]، وقول الله عز وجل:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ}[يوسف:١٠٨]، أي: على علم).
فتعالوا لننظر إلى مدى بلوغ همتهم في طلب العلوم الشرعية، فهذا الإمام الزهري كانت تقول زوجه عنه: والله لمطالعة الزهري لهذه الكتب أشد علي من ثلاث ضرائر، يعني: يا ليته تزوج ثلاث نساء ولم يطالع الليل والنهار في هذه الكتب.
الإمام ابن الباغندي الحافظ رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال له: يا رسول الله! منصور أحفظ أم شعبة؟ فيقول: منصور، منصور.
الإمام ابن الباغندي كان ربما دخل الصلاة وهو يقول: الله أكبر، وبعد أن يكبر يقول: حدثنا فلان عن فلان حتى يذكر أنه في صلاة.
وابن أبي حاتم الرازي الإمام الجليل يقول: اشتهينا سمكة فاشتريناها، ولم يكن عندنا وقت لنطبخها، كنا في النهار نطوف على الشيوخ، وفي الليل ننسخ ونقابل، فمكثت عندنا ثلاثة أيام فأكلناها نيئة.
وشعبة بن الحجاج الضخم الذي كان يحدث عن الضخام كانت ثيابه بلون التراب، واليوم أحدنا إذا اغبرت ثيابه قال: لا بد أن تكون الغترة مكوية، والجلابية مكوية، وكذا وكذا والإمام أحمد بن حنبل كان يقول: مع المحبرة إلى المقبرة.
وكان الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله وهو يخيط قميصه يصنع كماً ضيقاً وكماً واسعاً، أما الكم الواسع فكان يضع فيه الكتب حتى يقرأها وهو في الطريق.
ومصعب الزبيري أعطاه يحيى بن زكريا كتب محدث آخر فأكلتها الفأرة وبالت عليها، فجعل يقرأ ما بقي من أكل الفأرة.
وأبو بكر الأنباري كان يقرأ في الأسبوع ١٠.
٠٠٠ صفحة.
وابن تيمية الجد كان يدخل إلى الخلاء ثم يقول لابنه: اقرأ علي بصوت عال حتى أسمعك وأنا بالداخل.