هذا الرجل كان مولعاً بالجهاد وبالعدل، وما حكم البلاد والعباد بعد الخلفاء الراشدين وبعد عمر بن عبد العزيز أعدل من نور الدين محمود زنكي كما قال ذلك العلامة ابن كثير، والذهبي وابن الأثير.
وكانت له زوجة عابدة، فبعد أن مات عنها تزوجها صلاح الدين الأيوبي.
ذات ليلة قامت وهي غاضبة من نومها، فسألها نور الدين عن سر غضبها؟ فقالت: فاتني ورد البارحة فلم أصل من الليل شيئاً فأمر بمن يوقظها لصلاة الليل، وكانت كثيراً ما تطلب منه أموالاً لتنفق على الناس، فظن أنها تنفق هذه الأموال من أجل زينتها وعلى حليها فقال لها: والله ما عندي شيء من المال، إنما أنا خازن لبيت المال، ولا أخوض النار في هواكِ أبداً، ثم أعطاها الثلاثة الدكاكين التي كانت في حمص.
الإمام العظيم والسلطان المجدد يذكر له التاريخ وقعة حارم لما أتى ملوك الدول الأوروبية وملوك الإفرنج والنصارى والصليبيين في ساحل الشام وفي كل مدن الشام، واجتمعوا في وقعة حارم سنة (٥٥٩هـ) وكان عددهم ثلاثون ألفاً، وحينما حمي وطيس المعركة واشتد لهيبها تضرع لله عز وجل، يقول: اللهم ارحم عبدك المكاس العشّار الظالم محمود الكلب، يا رب هؤلاء عبيدك وهم أولياؤك، وهؤلاء عبيدك وهم أعداؤك أتوا لحرب أوليائك فانصر دينك ولا تنصرني، ثم نزل من على فرسه وجعل يمرّغ خده في التراب، وكانت النتيجة: أن قتل واحد وعشرون ألف صليبي في هذه المعركة، وأسر جميع الملوك الذين ناصروا الأعداء، وقتل البرنس صاحب الكرك مقدم الصليبيين في هذه المعركة، وبدأ نور الدين محمود زنكي يستعد لفتح بيت المقدس وأعد منبراً يدخل به إلى بيت المقدس.