وأيضاً المرأة التقية الزاهدة زوجة صلاح الدين، اسمها عصمة الدين، وهذه المرأة كانت زوجة نور الدين محمود زنكي، ثم لما مات عنها تزوجت صلاح الدين الأيوبي.
هذه المرأة العظيمة قامت ذات ليلة وهي غاضبة من نومها، فسألها زوجها عن سر غضبها؟ فقالت: فاتني وردي البارحة، فلم أصل من الليل شيئاً.
وهي امرأة ملك، وكانت زوجة سلطان دمشق، بل سلطان الشام كله، وتقوم من الليل غاضبه؛ لأنها لم تصل بالليل.
وكانت ترسل إلى زوجها؛ لأنها كانت كثيرة الصدقة، فتأخذ منه المال الكثير فيقول: والله! لا أدخل النار بسببك، وكان نور الدين محمود زنكي زوجها سلطان دمشق، كل أكله من عمل الأقفال، أي: يصنع الأقفال بيده، ثم يذهب بها فيبيعها، وكان هذا دخله الذي يعيش منه، وهو ملك الشام قاهر الصليبين.
وكان من قواده في مصر أسد الدين شيركوه وهو عم صلاح الدين، فلما مات أسد الدين شيركوه عهد نور الدين محمود زنكي بالعمل من بعده لـ صلاح الدين الأيوبي، فقضى صلاح الدين الأيوبي على سلطان الدولة الفاطمية من مصر.
يحفظ التاريخ العديد من العابدات التقيات، الصوامات القائمات في الليل، وكانت المرأة منهن إذا دخل عليها الليل تقول: بخ بخ، يا نفس! قد جاء سرور المؤمن، فإذا اشتدت في عبادتها تقول: لا تأنسن بمن توحشك نظرته فتمنعن من التذكار في الظلم واجهد وكد وكن في الليل ذا شجن يسقيك كأسه باب العز والكرم فإذا مضى عنها الليل بكت وقالت: واحرماه واسلباه.