للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[علامات الكبر]

ومن علامات الكبر: أن يفتخر الرجل بكثرة الأتباع من طلبة العلم أو غيرهم، فيحملون له أشياء، أو يمشي ومعه جنود يرافقونه، ويرى أن له منة عليهم، وربما فرح بنفسه فقال للتابع: احمد ربك أنني أحملك متاعي! إنك أقل من أن تحمل متاعي.

فهذه علامة من علامات الكبر.

كان سيدنا أبو عبيدة عامر بن الجراح وهو أمير يحمل سطلاً له من خشب فيه ماء ساخن ويذهب به إلى حمام أبان.

وكان ذو الكلاع قيلاً من أقيال اليمن في الجاهلية، وكان الناس يقفون على بابه الهدايا من أجل أن يدخلوا عليه، فيقال لهم: لم يأت عليكم الدور، انتظروا فإن غيركم قد سبق بهدايا منذ سنة كاملة.

وكان إذا اختفى ثم برز سجد له مائة ألف رجل، فلما أسلم أراد أن يعفو الله عز وجل عنه هذا الذنب فأعتق أربعة آلاف رقبة، وأراد عمر أن يشتريهم، فرفض ذلك وقال: عسى الله أن يغفر لي ذنبي، قال: وما ذنبك؟ قال: اختفيت عن الناس ثم خرجت فسجد لي مائة ألف رجل.

وبعد أن أسلم كان يحمل اللحم بيده، ويأتي به لأولاده، فيقول له أتباعه: دعنا نحمل عنك، فيرفض، وعندما كان يحمل اللحم بيده كان يقول: أف لذي الدنيا إذا كانت كذا أنا منها كل يوم في أذى ولقد كنت إذا ما قيل من أنعم الناس معاشاً قيل ذا ثم بدلت بعيش شقوة حبذا هذا الشقاء حبذا وكان عمر بن الخطاب يعلق اللحم في يده اليسرى، ثم يحمل الدرة بيده اليمنى ويمضي في الأسواق حتى يأتي إلى أهله.

وكان علي بن أبي طالب يحمل التمر بيده ويقول: أبو العيال أحق بالحمل.

وكان الربيع بن خثيم يحمل عكة إلى عمته، أي: قفة من خوخ.

ومن علامات الكبر: أن يأنف المتكبر من جلوسه مع المساكين.

وكان جعفر بن أبي طالب يجالس المساكين حتى سمي بأبي المساكين، أما أم المساكين فهي أم المؤمنين زينب رضوان الله عليها.

وكانت أم الدرداء تجلس إلى المساكين.

ورثاثة الثوب من علامات التواضع وربما ارتضى الرجل أن يلبس الثياب الرثة وفيه من الرياء ما لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى.

كان سيدنا عبد الرحمن بن عوف من أجل الصحابة، وكان لا يعرف من بين عبيده، لأنه كان يلبس نفس الثياب التي يلبسها عبيده.

ولبس سلمان الفارسي ثياباً بالية، فانتهره الناس، فقال: إنما أنا عبد ألبس لبس العبد، فإذا عتقت -يعني في الآخرة- وفك القيد عني لبست ثياباً لا تبلى حواشيها.

فمن التواضع ألا يمشي الإنسان مشية المطيطاء، ولا يترفع على المساكين، ولا يجعل الناس يحملون متاعه، ولا يترفع على أهل بيته.

رزقني الله وإياكم حسن الخلق وتواضعاً في الصفات الخلقية.

هذا وأستغفر الله لي ولكم.