وحرمهم من النور، قال تعالى:{قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا}[الحديد:١٣].
وينادى بهم على رءوس الأشهاد، ويقول الأشهاد:{هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ}[هود:١٨]، وهذه فضيحة مجلجلة، قال تعالى:{هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}[هود:١٨]، فكيف هو حال العاصي إذا ضيق عليه القبر حتى تختلف أضلاعه؟ وكيف إذا جعل له فراش من النار؟ وكيف إذا أتى إليه الشجاع الأقرع؟ الذي ينكره أحمد منصور؟ نسأل الله عز وجل أن يجازيه به إن لم يتب، وكيف إذا قال الله عز وجل:{خُذُوهُ فَغُلُّوهُ}[الحاقة:٣٠] فيبتدره سبعون ألف ملك أو مائة ألف ملك، كلهم يريد أن يضع الغل في عنقه؟ وكيف إذا سحب على وجهه إلى النار؟ وكيف إذا سيق إلى جهنم وهو عطشان كما قال تعالى:{وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا}[مريم:٨٦] وهذا بعد خمسين ألف سنة وقد تقطعت أعناقهم من شدة العطش؟ وكيف إذا حشروا إلى النار هكذا؟ وأما الصالحون فتقرب إليهم الجنة؛ لكرامتهم على الله، قال تعالى:{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ}[ق:٣١].
ولا يسيرون إليها سيراً بل -والله- ركباناً، فكيف إذا تلقتهم الملائكة؟ وكيف إذا تلقتهم الحور العين على أبواب قصورهم؟ وخادم واحد من خدمك في الجنة يساوي الدنيا كلها ومن عليها، وإذا رأى قهرمانه في الجنة -وهو وكيل الخزنة- هم بالسجود له، فيقول له: ارفع رأسك، فيقول: كأنك ملك وأنا لا أعرف، فيقول: إنما أنا قهرمانك، وتحت يدي ألف قهرمان على مثل ما أنا عليه.
وآخر من يدخل الجنة له مثل عشرة أمثال الدنيا من يوم أن خلقها الله عز وجل حتى يحييها.
وعند النظر في نعيم الجنة ونورها والمقارنة بين متاع هذا في الجنة ومتاع هذا في الجنة نجد بينهما ألف نقطة، ونقطة واحدة فقط كفيلة أن تعود بك إلى الله عز وجل.