وأرض الشام أرض رباط وثغر وجهاد إلى يوم القيامة كما قال بذلك عز الدين بن عبد السلام، وكما قال بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، وبنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سلمة بن نفيل الكندي رضي الله عنه قال:(كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل: يا رسول الله! أهان الناس الخيل، أهان الناس الخيل وامتهنوها وقالوا: لا جهاد) ولنا هنا وقفة، فقد أقسم الله عز وجل بخيل الحرب فقال:{وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا}[العاديات:١ - ٣] فهل خيلنا خيل حرب؟! والله ما هي بالعاديات ضبحاً، ولا هي بالموريات قدحاً، ولا هي بالمغيرات صبحاً، بل هي خيل لعب ولهو ودنيا.
بعد أن كان يركب عليها أبو سليمان خالد بن الوليد، لصباحه المجد ولذكراه السلام، وكان يركب عليها صلاح الدين، فمن الذي يركب عليها الآن؟! هذا الفرق بيننا وبينهم.
ألا يا صلاح الدين هل لك عودة فإن جيوش الروم تنهى وتأمرُ حصانك في سينا يشرب دمعه ويا لعذاب الخيل إذ تتذكرُ وتأبى جراحي أن تضم كفاها كأن جراح الحب لا تتخثرُ تأخرت يا أغلى الرجال فليلنا طويل وأضواء القناديل تسهرُ حصانك في سيناء يشرب دمعه وجندك في حطين صلوا وكبروا وتبكيك من شوق مآذن مكة وتبكيك بدر يا حبيبي وخيبرُ ويبكيك سفساط الشام ودورها ويبكيك ظهر الغوطتين وتدمرُ نساء فلسطين تكحلن بالأسى وفي بيت لحم قاصرات وقصَّرُ وليمون يافا يابس في حقوله وهل شجر في قبضة الظلم يُثمرُ وأصرخ يا أرض المروءات فاحبلي لعل صلاحاً ثانياً سوف يظهرُ جاء في الحديث:(أن رجلاً قال: يا رسول الله! أذال الناس الخيل ووضعوا السلاح وقالوا لا جهاد قد وضعت الحرب أوزارها، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال: كذبوا؛ الآن جاء القتال، ولا يزال من أمتي أمة يقاتلون على الحق ويزيغ الله لهم قلوب أقوام ويرزقهم منهم حتى تقوم الساعة، وحتى يأتي وعد الله، والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، وهو يوحى إلي أني مقبوض غير ملبث، وأنتم تتبعوني؛ ألا فلا يضرب بعضكم رقاب بعض، وعقر دار المؤمنين بالشام) وهذا هو الشاهد.
فيكذِّب النبي صلى الله عليه وسلم من يقول إن الحرب قد وضعت أوزارها، ثم قال:(عقر دار المؤمنين بالشام) يعني: موطن أصل الإيمان سيكون بالشام عند نزول الفتن.