وكان أول شيء أنه بدأ تغييب السنة من أيام الخوارج، حيث كفروا سيدنا علياً وحزبه، وسيدنا معاوية وحزبه، وأصحاب الجمل، ومن حضروا موقعة صفين، وقالوا: كل هؤلاء كفرة فكيف يؤخذ منهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم؟! فأنكروا حد الرجم؛ لأنه أتى من شيعة علي وهم أناس كفار، وأنكروا حدوداً كثيرة لأنها أتت بالسنة عن طريق الصحابة الذين كفروهم.
كذلك الشيعة كفروا الصحابة كلهم، وحكموا بالإسلام لخمسة عشر صحابياً من شيعة علي؛ ولذلك لم يقبلوا الأحاديث المروية عن كل الصحابة الذين كفروهم.
ثم جاء المعتزلة وقالوا: العقل فوق النقل، العقل فوق السنة، وأي حديث يعارض العقل فلا نقبله؛ فقالوا: أحاديث الآحاد لا نأخذ بها في العقيدة، نريد الأحاديث المتواترة، ولذا ردوا حديث رؤية المؤمنين لربهم في الجنة وقد رواه ثلاثون صحابياً، بل إنهم كانوا قليلي أدب، فهذا عمرو بن عبيد شيخ المعتزلة روى له الأعمش حديثاً فقال: لو قابلت الأعمش لقلت له: أنت كذاب، ولو سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لرددته عليه، ولو لقيت الله لقلت له: ما على هذا أخذت الميثاق منا! ويقول النظام: من سمرة بن جندب؟ قبح الله سمرة! ويقول عن عبد الله بن مسعود في حديث انشقاق القمر أنه رآه بعينيه قال: كذب.
ويقول: من علي بن أبي طالب قد أفتى برأيه فضل! ويقول: إن عمر بن الخطاب شك في إيمانه يوم صلح الحديبية.
ويقول: لو شهد عندي علي بن أبي طالب وطلحة والزبير على رابطة بقل ما أخذت بشهادتهم.
إذاً قالوا: إن أحاديث الآحاد كلها لا نأخذ بها؛ وقد حكى الإمام الشافعي في كتابه أنه قابل رجلاً من المبتدعة فقال له الرجل: لو أن رجلاً أخذ بركعتين فقط من الصلاة وأتى بأقل شيء من الصلاة ثبت له حكم الصلاة.