[الأحاديث الواردة في صيام أيام العشر وطريق الجمع بينها]
أما صوم هذه الأيام فورد فيه حديثان: الحديث الأول: حديث حفصة بنت عمر رضي الله عنها في مسند الإمام أحمد قالت: (ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع صيام عاشوراء وعشر ذي الحجة وثلاثة أيام من كل شهر).
وفي سند هذا الحديث اختلاف.
والحديث الثاني: حديث عائشة الذي رواه الإمام مسلم: (ما رأيت رسول الله صائماً العشر قط)، وفي رواية:(ما رأيت رسول الله صائماً في العشر قط).
وجمع العلماء بين الحديثين بجمعين: الجمع الأول: أن الحديثين خرجا مخرج الغالب، يعني: عندما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: (ما رأيت رسول الله صائماً العشر قط) كانت تعني: ما أتم صيامهن.
وقول السيدة حفصة:(ما كان رسول الله يدع صيام عشر ذي الحجة) تعني: أنه كان يصوم أغلبهن.
والجمع الثاني: القاعدة: أن المثبت عنده زيادة علم على النافي، والمثبت هو حفصة رضي الله عنها، والنافي هو عائشة رضي الله عنها، فقد يوافق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصم في أيام عائشة وما رأته صائماً، ولكن أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها رأته صائماً في أيامها عندها.
فيكون الجمع: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكمل صيام هذه الأيام وإنما صام أغلبها.
وإذا أراد أخ أن يكمل صيام هذه الأيام التسع فلا حرج عليه؛ فقد كان عبد الله بن عمر يصوم العشر، وهذا أيضاً خرج مخرج الغالب؛ لأن اليوم العاشر -وهو يوم العيد- يحرم صومه.
يعني: كان يصوم التسع بأكملهن.
وممن قال بهذا الحسن البصري وجمهور أهل العلم، فمن أكمل صيام هذه الأيام فلا حرج عليه، وله في ذلك سلف، وهو عبد الله بن عمر.
ومن لم يكملهن فهدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل وأنفع وأطيب، هذا بالنسبة للصيام.