[احتجاج مصطفى محمود بأن السنة إنما جمعها بشر مثلنا والرد عليه]
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:١٠٢].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:١].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:٧٠ - ٧١].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى، وإن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين.
ثم أما بعد: ففي جريدة الأهرام في يوم السبت الماضي كتب الدكتور مصطفى محمود تحت عنوان: ليس إنكاراً للسنة، قال: أما السنة القولية التي جمعها رواة الأحاديث عن الرسول الكريم فقد جمعها ودونها بشر مثلنا.
فنقول: نعم.
هم بشر؛ لكن ليسوا مثلنا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذي يلونهم)، وسيدنا الإمام أبو حنيفة يقول: ما جاءنا عن رسول الله فعلى الرأس والعين، وما جاءنا عن الصحابة تخيرنا من أقوالهم، وما جاءنا عن التابعين فهم رجال ونحن رجال؛ لأن العلماء يعدوه من صغار التابعين.
فيقول الدكتور: فهم بشر مثلنا غير معصومين في سلسلة من العنعنات عبر عشرات العصور، لم تدون الأحاديث إلا بعد زمن الخلفاء الراشدين وعلى عهد أيام سلاطين القصور.
وهذا كذب، فقوله: إن السنة لم تدون إلا على عهد سلاطين القصور فيه طعن في عمر بن عبد العزيز فقد كان يلقب خامس الخلفاء الراشدين، وأيامه كانت أيام سنة، ولقد أمر عمر بن عبد العزيز بإحياء السنة وإماتة البدعة، فأيام سلاطين القصور هذه فيها غمز في عمر بن عبد العزيز.