وقادتهم عقولهم إلى نفي رؤية الله تبارك وتعالى في الآخرة، فهم في أصلهم الأول التوحيد عطلوا صفات الله عز وجل، وقالوا بخلق القرآن، وعذبوا علماء الأمة.
وقد دعا الإمام أحمد بن حنبل على أحمد بن أبي دؤاد كبير المعتزلة، فابتلاه الله بالفالج -الشلل-، فكان نصف جسده لو نهشت منه السباع لا يحس به، والنصف الآخر لو سقط عليه الذباب لكأنما نهشته السباع، فقال أحمد بن أبي دؤاد: أصابتني دعوة أحمد بن حنبل.
وأما الأصل الثاني عند المعتزلة فهو: نفي القدر، وسموه مسألة العدل، وقالوا: إن الله عز وجل لا يخلق الشر، وأثبتوا لهم مشيئة مع الله عز وجل، وقالوا: إن الإنسان يخلق فعل نفسه، ونفوا القدر، وقالوا بخلق أفعال العباد.
وقال أهل السنة والجماعة: إن أفعال العباد مخلوقة لله عز وجل، وهم قالوا: إن العبد يخلق فعل نفسه.
وقالوا: بالتحسين والتقبيح العقليين، حتى إن بعضهم عندما ذكر لـ عمرو بن عبيد -كبير المعتزلة- حديث رواه الأعمش قال: لو قابلت الأعمش لكذبته -مع أن الحديث صحيح-، ولو لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم لرددت عليه هذا الحديث، ولو لقيت الله عز وجل لقلت له: ما على مثل هذا أعطيناك الميثاق.
فأي دمار فوق هذا؟! بل خاضوا في أعراض الصحابة، وكذبوا سمرة بن جندب وأبا هريرة وغيرهما من أهل العلم.
وأما في الوعد والوعيد فهم كما قال أهل العلم: مخنثة الخوارج الذين يكفرون عوام المسلمين ويكفرون مرتكب الكبيرة.
يعني: أن الخوارج قدوتهم، فقالوا: بالمنزلة بين المنزلتين.
ومعنى هذا الكلام: أن مرتكب الكبيرة ليس مسلماً ولا كافراً ولكنه مخلد في النار، وهذا القول أصل من أصول جماعة التوقف والتبين، وأصحاب التوقف يقولون: إنا لا نحكم للرجل بإسلام ولا بكفر حتى نسأله ونتبين حاله، كما كان الأزارقة من الخوارج يقولون: لا نحكم على الناس بردة ولا بكفر حتى نمتحنهم، فالناس الذين يأتون إلينا ولا نعرف خباياهم نجري لهم الاختبار، فإن وافقونا كانوا منا.
والمعتزلة قالوا بالمنزلة بين المنزلتين، يعني: لم يحكموا على مرتكب الكبيرة بأنه مسلم أو كافر، وقالوا: هو في منزلة بين المنزلتين، وهو مخلد في النار، هذا قول أهل الاعتزال في القديم.