للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بيان حقارة الدنيا ومن ركن إليها]

وإلى المتكالبين على الدنيا نقول لهم: ما الدنيا إلا مأكول أو مشروب أو ملبوس أو منكوح.

فأما المأكول فأفضله العسل، وهو بزقة ذبابة، وأما الملبوس فأفضله الحرير وهو صنع دودة، وأما المشموم فأفضله المسك وهو دم فأرة؛ لأنه يتخذ من عنق الغزال، وأما المنكوح فهن النساء، فإن أعرضت عن طريق الله عز وجل فهي مبال في مبال، تتزين بأجمل الثياب ويراد منها أقبح الأماكن.

إن الذي يعتز بشيء من حطام الدنيا نقول له: جدك البعيد تراب رميم، وأبوك القريب ماء مهين، وأنت خرجت من مجرى البول مرتين؛ أولك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت بين هذا وذاك تحمل العذرة.

أنف يسيل وأذن ريحها سهك والعين مرفضة والثغر ملعوب يا ابن التراب ومأكول التراب غداً أقصر فإنك مأكول ومشروب إن أعرضت عن طريق الله عز وجل وكنت عند الناس من كنت فإنك لا تساوي شيئاً من ملك الله، وأنت تعلم ما يخرج من بطنك، والنحلة أعلم بما يخرج من بطنها، فيا ليت قومي يعلمون.