ثم بعد ذلك الوقوف بعرفة، وما أدراك ما عرفة، وقد أقسم الله بهذا اليوم فقال:{وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ}[الفجر:٣] والوتر: يوم عرفة، والشفع: يوم النحر.
وعرفة كلها موقف.
وفيها أكمل الله عز وجل هذا الدين، قال تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا}[المائدة:٣].
وفيها أخذ الله الميثاق على البرية من ذرية آدم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان يوم عرفة، وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذر، ثم كلمهم قبلاً:{أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}[الأعراف:١٧٢]).
فأخذ الله عز وجل الميثاق الأول على ذرية آدم أنه ربهم وأن يوحدوه، قال ابن الجوزي: ووضع هذا الميثاق في الحجر الأسود.
هذا كلام الإمام ابن الجوزي في لطائف المعارف.
والله عز وجل يباهي الملائكة وأهل السماء بأهل عرفة عشية عرفة ويقول:(عبادي أتوني شعثاً غبراً، أشهدكم أني قد غفرت لكم).
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:(الحاج الشعث التفل)، أي: على قدر نصبك في الحج وتعبك فيه يكون عظم الأجر، لا أن تنزل في الفندق السياحي وتدفع ثلاثين ألفاً وتأكل لحماً وكباباً وغيرهما، صحيح أن هذا يسقط عنك فرض الحج، ولكن عظم أجر الحج في النصب والتعب.
كما يقول تعالى في الحديث القدسي:(عبادي أتوني شعثاً غبراً، أشهدكم أني قد غفرت لهم).